الجمعة , مايو 17 2024
الرئيسية / ابحاث ودراسات عليا / التشبيه زهرة الصور البيانية

التشبيه زهرة الصور البيانية

إعداد د أنور الموسى

التشبيه

-تعريفه: التشبيه لغة: التمثيل، يقال: هذا شبه هذا ومثيله. واصطلاحا: عقد مماثلة بين أمرين أو أكثر، قصد اشتراكهما في صفة أو أكثر، بأداة مذكورة أو مقدرة مفهومة من سياق الكلام، لغرض يقصده المتكلم؛ قد يكون للمدح أو الذم أو توضيح معنى الكلام أو المبالغة… أو تشويه المشبه وتقبيحه…

 

-أركانه: أركان التشبيه أربعة:

  • المشبه: وهو الأمر الذي يراد إلحاقه بغيره؛ نحو “وجهها” في قولك: وجهها قمر…
  • المشبه به: هو الأمر الذي يلحق به المشبه؛ نحو “أسد” في قولك: سامر كالأسد…

(وهذان الركنان أساسيان في التشبيه، لا يمكن الاستغناء عنهما، ويسميان طرفي التشبيه).

3-وجه الشبه: وهو الوصف المشترك بين الطرفين، ويكون في المشبه به أقوى منه في المشبه، وقد يذكر في الكلام وقد يحذف؛ وفي حال حذفه، يترك تأويله للخيال… نحو: سمعة تغريد كالمسك؛ فوجه الشبه محذوف تقديره: العفة، والجمال، والأخلاق الرفيعة، والأدب…

فوجه الشبه هو المعنى الذي يشترك فيه طرفا التشبيه تحقيقا أو تخييلا.

أ-تحقيقا؛ نحو: شعر كالليل…فوجه الشبه هو السواد وهي صفة متوافرة في الطرفين كليهما…

ب-تخييلا: هو ما يكون وجوده في أحد الطرفين: وأرض كأخلاق الرجال قطعتها… أي واسعة، فصفة السعة موجودة في الأرض، وغير موجودة في الأخلاق إلا تخييلا…

ووجه الشبه قد يكون أيضا قريبا: خذ كالورد، حيث ينتقل الذهن من المشبه إلى المشبه به، من غير تأويل…

وقد يكون بعيدا غريبا: والشمس كالمرآة في كف الأشل؛ حيث ينتقل الذهن من المشبه إلى المشبه به بعد جهد وطول تأمل…

4-أداة التشبيه: هي اللفظ الذي يدل على التشبيه، ويربط الطرفين الرئيسين، وقد تذكر الأداة وقد تحذف…؛ ومن تلك الأدوات: الكاف، وكأن، ويشبه ومشتقاتها، ومثل أو يماثل أو يحاكي…، يضاهي ويساوي… وغيرها مما يؤدي معنى التشبيه. وقد تكون الأداة اسما أو فعلا أو حرفا.

 

في تقسيم طرفي التشبيه إلى حسي وعقلي

  • فقد يكون الطرفان حسيان (يدركان بوساطة إحدى الحواس الخمس)، نحو: خد الفتاة كالورد، أو عقليان يدركان بالعقل؛ نحو: العلم كالحياة، والجهل كالموت…
  • وقد يكون المشبه حسيا والمشبه به عقليا؛ القاتل كالموت…ويدخل في العقلي الوهمي والوجداني… الوهمي كقول امرئ القيس: ومسنونة زرق كأنياب أغوال…فالغول وهمي من عالم الغيب.. والوجداني يدرك بالوجدان كالمحبة: السعادة كالرضى…
  • وقد يكون الطرفان مختلفين؛ أي يكون المشبه عقليا والمشبه به حسيا: الجهل كالظلام…

يذكر أن العقلي هو ما عدا الحسي، فيشمل المدرك ذهنيا…، كالرأي والخلق والحظ والأمل والذكاء والشجاعة، ويشمل الوجداني؛ وهو ما يدرك بالقوى الباطنة، كالغم والفرح والجوع والعطش… فضلا عن الوهمي، وهو ما لا وجود له ولا لأجزائه كلها؛ كالغول…

 

  • طرفا التشبيه من حيث الإفراد والتركيب

1-قد يكون الطرفان مفردين: خذ كالورد…

2-قد يكونان مركبين:

كأن سهيلا والنجوم وراءه     صفوف صلاة قام فيها إمامها

3-قد يكونان مختلفين:

إن صخرا لتأتم الهداة به     كأنه علم، في رأسه نار

 

في أقسام التشبيه

  • التشبيه باعتبار الأداة قسمان: 1-المرسل: هو ما ذكرت فيه الأداة، نحو: شعرها كالليل… 2- المؤكد: هو ما حذفت منه الأداة، نحو: خدها كالزهرة…
  • التشبيه باعتبار وجه الشبه، قد يكون: 1-مفصلا: يذكر فيه وجه الشبه، نحو: مي كالشمس بهاء، 2- ومجملا: حين يكون وجه الشبه محذوفا: كأن سهامه صواريخ…

   – ملاحظة: إذا حذف وجه الشبه والأداة يسمى التشبيه بليغا؛ نحو: قلبه صخر…

ويقول الشاب الجميل من الكامل:

فالعشق داء، والوصال شفاؤه     ولكل داء، مثل ما قالوا، دوا[1]

فالتشبيه البليغ هنا في قول الشاعر: العشق داء، وفي قوله: الوصال شفاؤه…

 

من أنواع التشبيه

  • البليغ…حذف الأداة ووجه الشبه: أمي ربيع.
  • المقلوب: هو جعل المشبه مشبها به، بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر: الصباح كوجه الأمير… وكأني بوجه الخليفة أجمل من الصباح…
  • التشبيه الضمني: هو تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة، بل يلمحان في التركيب؛ وهذا الضرب يؤتى به ليفيد أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن…

وقد يلجأ إليه الأديب للتعبير عن أفكاره من طريق الإيحاء…والغاية الابتكار والتجديد، وإجهاد الفكر للوصول إلى معالم التشبيه:

من يهن يسهل الهوان عليه     ما لجرح بميت إيلام

أي أن من عاش في الذل والهوان، لا بد من أن يعتاد على ذلك، ويصبح أشبه بميت فقد الروح والاحساس، فما عادت تؤثر فيه الجراح…

ومن أمثلته قول الشاعر:

فإن تفق الأنام وأنت منهم     فإن المسك بعض دم الغزال

أي أن الممدوح فاق الأنام مع أنه منهم… وصار كالمسك الخارج من صفة الدم وحقيقته، حتى أصبح لا يعد من جنسه…

    يذكر أن التشبيه المقلوب والضمني يعدان من التشبيه على غير طرقه الأصلية…

 

في تقسيم طرفي التشبيه بحسب تعددهما

ينقسم طرفا التشبيه باعتبار تعددهما أو تعدد أحدهما إلى:

1- تشبيه ملفوف: هو جمع كل طرف منهما مع مثله، كجمع المشبه مع المشبه، والمشبه به مع المشبه به: ليل وبدر وغصن، شعر ووجه وقد…

2- تشبيه مفروق: هو جمع كل مشبه مع ما شبه به: النظرة سهم، والوجه نور، والقد غصن…

3- تشبيه التسوية: هو أن يتعدد المشبه دون المشبه به: صدغ الحبيبة وحالي، كلاهما كالليالي…

4-تشبيه الجمع: هو أن يتعدد المشبه به دون المشبه: مرت بنا رأد الضحى، تحكي الغزالة والغزال…

 

فائدة التشبيه وأغراضه

إن للتشبيه روعة وجمالا، وموقعا حسنا في البلاغة؛ نظرا إلى إخراجه الخفي إلى الجلي، وإدنائه البعيد من القريب، كما أنه يزيد المعاني رفعة ووضوحا، ويكسبها جمالا وفضلا، ويكسوها شرفا ونبلا…

     ومن أغراض التشبيه: تبيان حال المشبه، أو مقدار المشبه، أو تقرير حال المشبه، أو تزيين المشبه أو تقبيحه…

يذكر أن للتشبيه دلالات نفسية معينة.. فهو قد يعبر عن مظاهر الكبت والنقص… وقد يكون منتزعا من اللاوعي الجمعي… فضلا عن أن تواتر تشبيهات بعينها عند الأديب، قد يحيل إلى عقد ودوافع معينة…