الجمعة , مايو 17 2024
الرئيسية / مقالات / فلسفة الأمل عند فولتير

فلسفة الأمل عند فولتير

بقلم الكاتبة مهى هسي 

جميل ومهم جدًّا أن نتمعّن في العنوان – “كانديد ــ أو التفاؤل“- الفرعي للرواية الأشهر في أوروبا (القرن الثامن عشر)، والتي كُتبت في ثلاثة أيام! وإن كان هناك هدف مركزي أراد الكاتب تحقيقه فسيكون إبادة “الأمل” في زمانه. ذاك الأمل الذي أحاط كل من: العلم، الحب، والتقدم التقني، والعقل. وقد كان (فولتير ) ساخطًا على كل ذلك، فلم يكن العلم ليحسن العالم، بل كان ليمنح الطغاة سلطة جديدة فحسب. ولم تكن الفلسفة قادرة على تفسير مسألة الشر، إلا أنها لم تُظهر لنا سوى غرورنا. ولا شك أن الحب كان ضربًا من ضروب الوهم، حاله حال القوة، فالبشر أشرار إلى حد لا يمكن إصلاحه، والمستقبل عبثي. ومع كل هذا أراد (فولتير) أن يرسخ علّة الأمل في ذهن المتلقي، حيث صوّر الأمل على أنه مرض وسعى لعلاجه.
إنّ رواية (فولتير) ليست مجرّد قصة مأساوية ولا تمثيلًا لفلسفته العدمية. فالكتاب ينتهي بمذكرة رقيقة شارك فيها المتلقي وهي مصحوبة بنغمة رثائية. وتعد واحدة من أفضل النصوص المكتوبة التي تعبر عن “الميلانكولية”. لقد سافر (كانديد) ورفاقه حول العالم وعانوا معاناة شديدة، فقد عرفوا الاضطهاد وحطام السفن والاغتصاب والزلازل والجدري والمجاعة والتعذيب.  لكنهم بشكل أو بآخر نجوا ووجدوا أنفسهم في تركيا -التي تحظى بإعجاب (فولتير) بشكل خاص- يعيشون في مزرعة صغيرة في إحدى ضواحي إسطنبول. ذات يوم علموا بوجود مشكلة في المحكمة العثمانية حيث أقدم المفتي على خنق وزيرين.
خلاصة، أن نُبقي على مسافة جيدة بين أنفسنا والعالم، لأن الاهتمام بقرب بالسياسة أو الرأي العام هو طريق سريع يؤدي إلى الخطر. وينبغي لنا أن نعرف -بما فيه الكفاية- في هذه المرحلة أن البشر مزعجون، ولن يحققوا أبدًا أي شيء يقرب من قدرالمنطق والخير الذي نتمناه للبشرية. ولا ينبغي لنا أبدًا أن نربط مزاجنا الشخصي بحالة أمة كاملة أو شعب بالكامل وإلا سيتعين علينا أن نبكي باستمرار. يتعين علينا أن نعيش في حبكات قصصنا الصغيرة الخاصة، وليس في رؤوس الغرباء.