الخميس , مايو 22 2025
الرئيسية / جامعيون ومواهب / الطلاق.. الرحيل الصامت أم النزيف المميت؟

الطلاق.. الرحيل الصامت أم النزيف المميت؟

بقلم فاطمة عطية 

الأسرة هي نواة المجتمع، عندما تتعرض للتفكك يتأثر المجتمع بأكمله، من أبرز مظاهر هذا التفكك في عصرنا ظاهرة الطلاق الّتي أصبحت منتشرة بشكل هائل في مختلف المجتمعات…

فالطلاق هو الرحيل الصامت لعهدٍ كان يومًا مليئًا بالوعود، وهو انكسار الكلمة التي قيلت يومًا بكل شغف وحب: ‘على السّراء والضراء’. نهاية فصلٍ كان من المفترض أن يكون بداية، وهو انطفاء شمعة أوقدت لتدفئ قلبين، فإذا بها تنطفئ تاركة وراها رماد الذكريات. فما أسباب انتشار هذه الظاهرة؟ وما هي اثارها؟ وكيف نستطيع التغلب عليها ومعالجتها؟

تعددت أسباب الطلاق في مجتمعاتنا، منها: المشاكل المالية، في حال تعرض الزوج لضيق حال تظهر المشاكل.. وعندما يغيب التفاهم وتتحول النقاشات الى شجارات، تبدأ العلاقة بالتدهور تدريجيًا ويصعب إيجاد حلول مشتركة .أيضًا فقدان الثقة بسبب الخيانة التي تعد من الأسباب الشائعة للطلاق؛ لأن الخيانة تجرح الكرامة وتهدم العلاقة، كذلك الزواج في سن مبكرة من دون فهم حقيقي للمسؤوليات، وغياب النضج والوعي الكاملين يؤدي الى قرارت تبوء بالفشل.
فالطلاق لا يعد مجرد انفصال بين الزوجين ، بل هو حدث يمتد تاثيره في مستوى الفرد والمجتمع . تنقسم آثاره الى جوانب نفسيّة واجتماعيّة واقتصادية.

يوّلد الطلاق عند الأطفال اضطرابات نفسيّة وسلوكيّة ،مثل: القلق ،والانطواء،والاكتئاب… حيث يصبح لديهم عقد وخوف من الزواج.

يؤثر أيضا على الزوجين أنفسهما، فتسيطر مشاعر الحزن والندم أو الفشل بعد علاقة دامت طويلا ، ‏وناهيك بصعوبات اقتصادية من خلال تحمل أحد الأطراف مسؤوليات الأبناء بمفرده ،وأيضا مشاكل قانونية حول الحضانة أو النفقة. وارتفاع التفكك الأسري يهدد تماسك المجتمع .

‏أما من الطرق للحد من ظاهرة الطلاق ، قيجب توعية الشباب قبل الزواج بمسؤوليات الحياة الزوجية واللجوء إلى الاستشارات الحياتية والأسرية لحل الخلافات من خلال تعزيز القيم الدينية التي تحث على الصبر والتسامح وتقبل الآخر.
‏وهكذا يبقى الطلاق جرحًا لا يراه إلا من نزف منه، وقرارًا إذا لم يبنَ على حكمة وتعقل قد يطفئ بيتا كان بالأمس عامر بالمودة . إنه نهاية مؤلمة لعلاقة بدأت بالحب وانتهت بالصمت ، وواقع يخلف وراءه أرواحا تائهة وقلوبًا صغيرة لا ذنب لها سواء أنها ولدت بين خلافات الكبار…

فلنمد جسور الحوار قبل أن نهدم جدران البيوت ،ولنجعل من الصبر دواء ًومن التفاهم ضياءً حتى لا تكون النهاية طلاقًا. ويبقى السؤال كيف سيكون شكل الأسرة بعد 20 سنة إذا استمرت معدلات الطلاق في الارتفاع؟