لقد غزونا فكريًا

*لقد غزونا فكريًا!*

بقلم الطّالب أحمد السّبع

تعدّ نسبة القراءة من العوامل الّتي تحدد مستوى الثّقافة والمجتمع ومدى تطوّره، فهي النّافذة الّتي تطلّ على الحياة….  وإذا أردنا الحكم على تطوّر المجتمع فيجب النّظر إلى مستوى ثقافته . لماذا القراءة أولاً؟ وما سبب دخول العرب في مرحلة الإنحطاط؟ وكيف غزونا فكريًا؟

إنّ أول آية نزلت على رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم بدأت بِ ﴿اقرَأ﴾ وهذا دليل على أن هذه الرّسالة السّماويّة رسالة تعليم وتعلّم ، ومحو لأميّة الإنسان سواء كانت أميّة دينيّة أو دنيويّة ، فأول الخطوات في طلب العلم هي القراءة . وكان صلى الله عليه وسلم يسعى دائمًا لمحو الأمية، فقد جعل فداء أسرى معركة بدر أن يعلمَ كل منهم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة.

يُعد العصر العبّاسي العصر الذّهبي للعرب من بين العصور الّتي مرّت بها ، ففيه دُوّنت العلوم و ترجمت كتب الفلسفة وازدهر العلم ازدهارًا كبيرًا ، ولولا هذه السّطور لضاعت العلوم…. حيث برزت مكتبة الحكمة وفيها وضعت العلوم و أُلِّفت الكتب و التّراجم ، ولقد حثّ المأمون على التّدوين حفاظًا على هذه العلوم . وعندما شنّ المغول حربًا على بغداد بقيادة هولاكو ، و كانت وجته الأولى تدمير هذه المكتبة النّبيلة و هدم المؤسّسات العلميّة ، لإنّه كان يدرك أنّ الهزيمة تبدأ بتدمير العلوم و الثّقافة ، فأمر بإتلاف كل الكتب و رميها في نهر دجلة ولم ينجُ منها سوى بعض المخطوطات.

ولقد أصدرت مؤسّسة تابعة للأمم المتحدة دراسة تقول : إنّ معدل ما يقرأه الفرد في أرجاء العالم العربي سنويًا هو ربع صفحة فقط،و أيضًا مؤسسة الفكر العربي أصدرت تقريرًا يفيد بأن متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنويًا، بينما لا يتعدى متوسط قراءة المواطن العربي ستة دقائق سنويًا. وبينما تمتلك الدّول العربية أفضل المطابع ، و ألين الأوراق ، و العديد من دور النّشر . إلاّ أنّنا لا نقرأ و لقد تمّ غزونا فكريًا و السبب أنّنا هدرنا الوقت في ملهيات الحياة ، والتهينا بمواقع التّواصل الإجتماعي الّتي بثّها الغرب في دولنا العربيّة من أجل تدميرنا فكريًا و ثقافيًا ، ولقد نسيَ الفرد منّا شيئا اسمه ‘كتاب’ . ولقد قال الجاحظ : جملة تُكتب بماء الذّهب “الكتابُ هو الجليس الذي لا يُطريك، والصديق الذي لا يُغْريك، والرفيق الذي لا يَمَلُّك، والمستميح الذي لا يَسْتريثُك، والجار الذي لا يَستبْطِيك . فهل سنعيد قيمة الكتب والسطور؟ وهل سيرجع العصر الذّهبي للعرب؟