بقلم الاختصاصية النفسية رلى فرحات
تحليل نفسي لشخصيتي ترامب ونتنياهو ومقاربة مع هتلر
نشأة ترامب: الغرور كدرع في وجه القسوة
دونالد ترامب وُلد عام 1946 في نيويورك لعائلة ثرية. والده فريد ترامب كان رجل أعمال صارمًا، قليل العاطفة، يركز على النجاح والسيطرة، وكان يشجع أبناءه على أن يكونوا “قتلة في السوق” وليسوا “ضعفاء” — وهو وصف ترامب ذاته في مذكراته.
التحق ترامب بـأكاديمية عسكرية داخلية في سن صغيرة (13 عامًا) بسبب سلوكه المتمرد، وتعلّم هناك الصرامة والعقاب والتراتبية القاسية. لم يعرف الحنان الأبوي بقدر ما عرف الحافز القائم على التنافس والنجاح الفارغ من التعاطف.
نشأة نتنياهو: بين العبء الأبوي ونظرية البقاء
بنيامين نتنياهو وُلد عام 1949 لعائلة صهيونية أكاديمية في القدس. والده بنتسيون نتنياهو كان مؤرخًا يمينيًا متطرفًا يُعلّم أولاده أن اليهود مهددون دائمًا، ويجب أن يحكموا بالقوة لا بالمساومة.
تأثر نتنياهو بشكل حاد بمقتل شقيقه يوناتان في عملية إنقاذ رهائن في أوغندا عام 1976، ما زرع فيه إحساسًا دائمًا بأن “العالم لن يحمي اليهود”، وأنه يجب أن يكون:
القائد – العسكري – الأمني- السياسي بنفسه.
أدولف هتلر
وُلد عام 1889 في النمسا، ونشأ في بيئة أسرية صارمة: والد عنيف ومهين، وأم حنونة تضفي نوعًا من التفاوض الداخلي بين القسوة والحنان. تعرض لتعنيف جسدي مستمر، مما ربط سلوكه العدواني لاحقًا بالرغبة في السيطرة والقوة.
العقد والاضطرابات النفسية
هتلر: جمع بين العنف الناتج عن التعنيف النفسي في الطفولة والنرجسية المرضية والدافع للتدمير .
ترامب: تطوّرت لديه نرجسية دفاعية–تهجمية، فلجوءه للإثارة والتأكيد الإعلامي للصورة الذاتية .
نتنياهو: دراسة لـ Kimhi وصفت شخصيته بالنرجسية، الشك، التوتر تحت الضغط، والحاجة للاستمرار في الصورة كـ“بطل” .
هناك تقاطع عميق في السلوك النرجسي السيكوباتي:
1. كلاهما أي ترامب ونتنياهو يفتقدان التعاطف الحقيقي مع الآخر، ويريان العالم من منطلق القوة والهيمنة، لا العدالة.
2. يبرّران القتل أو الإقصاء كأداة للبقاء، سواء كان ذلك عبر قنابل أو قرارات سياسية صارمة.
3. يُلهبان غرور بعضهما البعض؛ فترامب يرى في نتنياهو “رجل أمن لا يتراجع”، ونتنياهو يرى في ترامب “زعيمًا بلا خطوط حمراء”، مما يخلق حلقة تعزيز متبادل خطيرة نفسيًا وسياسيًا.
4. يلعب كل منهما على أوتار شعبه عبر الخوف والعدو؛ إيران، الفلسطيني، اليسار، الإعلام…
من منظور علم النفس السياسي، قد نُدرج كلا الشخصيتين ضمن إطار:
“النرجسية السيكوباتية المقنّعة بالوطنية الدفاعية”
وهي نمط يتسم:
بالاندفاع، الكذب الاستراتيجي، غياب الضمير الأخلاقي التقليدي، وتصعيد التوتر لتحقيق مكاسب داخلية.
هل ترامب يمكن أن يضرب مفاعلات نووية في إيران؟
نظريًا ترامب يملك القابلية النفسية والإرادة السياسية لفعلها، وهذا للأسباب التالية:
1. نرجسيته العدوانية الدفاعية
– يحب الظهور بمظهر الزعيم القوي الذي لا يهاب شيئًا.
– يؤمن أن “الضربة الاستباقية” تُثبت الزعامة، خصوصاً أمام قاعدة إنجيلية متطرفة تؤيد ضرب إيران.
2. سابقًا اقترب من ذلك فعلًا
– في نوفمبر / تشرين الثاني 2020، استشار البنتاغون فعليًا لضرب موقع “نطنز النووي” الإيراني بعد تقرير الوكالة الدولية، ولكن طاقمه الأمني (بومبيو وميلي) أقنعه بالتراجع.
3. يكره الاتفاق النووي ويعتبره ضعفًا وقد وعد مرارًا بإزالة “الخطر الإيراني من جذوره”.
4. منطقه العسكري يشبه منطق “نزع الأنياب قبل أن تلدغ”، أي: قبل أن تملك إيران القنبلة فعليًا، يجب إنهاء البرنامج، حتى لو تطلّب الأمر استخدام القوة الكبيرة.
إذا ما الذي يمنع ترامب من ذلك؟
رغم الهجوم المباشر، ترامب لم يستخدم السلاح النووي علنًا، بل اكتفى بالقصف التقليدي الثقيل، عادة ما يُعد خطة بديلة لحفظ الزر النووي، بدون اللجوء إليه مجازًا “للردع وليس للتنفيذ”.
الولايات المتحدة تخاف من توسع الحرب إلى روسيا أو الصين، لذا حتى ترامب لن يضغط الزر النووي “الكبير”، بل ربما يُجازف بضربة تقليدية قوية لمفاعل. (تحليل في 19-06-2025)
إن النزاع العربي–الإقليمي قد يتحوّل إلى حرب شاملة، لكن النووي—حتى الآن—لا يُستخدم، لأن “الخوف من الاحتراق” يُبقي الزر مغلقًا.
وتبقى نرجسيته المفرطة باستعراضاته المستمرة، فلقد استعرض ترامب قوته العسكرية النارية أمام العالم، قائلاً إن الضربات نفذت بدون خسائر أمريكية ومهددا بإجراءات أشد إن لم تستسلم إيران!!!
هل كان هتلر يستخدم السلاح النووي لو كان موجودا اليوم في هذه الحرب؟
لو عاش هتلر اليوم، وكان يملك السلاح النووي، لاستخدمه مبكرًا، سواء لتحقيق نصر عسكري سريع أو كضربة انتقامية شاملة.
وذلك بسبب:
شخصيته المضطربة (نرجسية، بارانوية، عدمية عاطفية – وعقدة عميقة تُعرف في التحليل النفسي باسم “عقدة الدونية التعويضية”، حيث يشعر الشخص بأنه أقل من الآخرين، فيسعى لتفوق مطلق كتعويض، بأي وسيلة)، ولا نغفل عن هوسه بالعظمة والخلاص الجماعي الألماني.
بعكس نتنياهو الذي تحكمه التوازنات الإقليمية إلى حد ما، أو ترامب الذي قد يستخدمه كعرض قوة لا كواقع دموي مباشر حيث أنه تاجر ويشغله صفيق الآخرين له بأنه البطل الوحيد او الإله الذي يأمر وعلى كل البشرية الطاعة العمياء!!!
رؤية لاستخدام السلاح النووي
تأتي القدرة على استخدام الأسلحة النووية ضمن عقدة الردع: من يملك الزر، موقن بأن استخدامه قد يقضي عليه أولًا.
نتنياهو (الكيان الغاصب): يعتمد العقيدة المعروفة بـ”خيار شمشون”، تهديد نووي للردع لا للتنفيذ، خوفًا من ضياع الدولة بالكامل.
روسيا، الصين، كوريا الشمالية: جميعهم يملكون أسلحة نووية ويركزون على الردع المتبادل ضمن قيادة عقلانية، إلا أن ضم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي زاد خطر الخطأ .
الهند وباكستان: تملكان سلاحا نوويًا، ضمن سياسة الردع المتوازن لكنه هش، أي قذف متبادل قد يشعل شرارة كارثية.
ختاما
لقد تلقّى هتلر، ترامب، نتنياهو تربية سلطوية وعنف نفسي سبّبت عقد نرجسية وعنفية وبارانوية (جنون العظمة). عبروا عن ذلك بطرق مختلفة: الهتلرية التطهيرية، ترامب الإعلامي–الاستعراضي، نتنياهو الأمني–الاستراتيجي.
في عالمٍ محاط بالنووي، الردع النفسي ليس فقط خوفًا من الفعل، بل إدراك أن الزر قد يحرق يد صاحبه قبل أن يحرق العدو.
وهنا، عالمنا اليوم يعتمد على ثلاث ميزانيات محورية:
القوة الجوية والتقليدية فوق الردع النووي.
الاستقرار النووي حتى عام 2030 مع تصاعد صيني وسباق بالذكاء الاصطناعي.
بالطبع لا ننسى استمرارية الحرب الناعمة وغزوها الثقافي والتطبيع النفسي لقبول ما هو قادم بدءا بأسماء مدن مستحدثة وأسلحة تستغيث اسماءها الأذن إلى ما هنالك من تغيير في التقاليد المجتمعثة واسس التربية وقواعد الجنس الفطري وغيرها.
الحرب القادمة لن تكون مدمرة نوويًا، بل “مدمرة نفوذًا”: لمن السيادة والشرعية؟ بين عملاقين أو لربما أكثر…
كل يرى من منظاره العقائدي ونحم نؤمن بأن الحق لا بد أن ينتصر ولو بعد حين.
رُلى فرحات