بقلم زهراء صفاوي
الطلاق بين الواقعِ والتّحديات
يعد الزواج أقدس الروابط التي شرّعها الله لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، وجعل منها أساساً لبناء الأسرة التي تعد بدورها نواة المجتمع… غير أن هذا الرابط قد يتعرض للانهيار نتيجة عوامل متعددة تؤدي إلى الطلاق الذي هو ظاهرة باتت في تزايد مستمر في المجتمعات العربية والإسلامية، حتى أصبحت تهدد استقرار الأسر وتماسك المجتمعات.
فالطلاق ليس مجرد انفصال بين زوجين ،بل هو حدث يحمل في طيّاته أثاراً اجتماعية ونفسية واقتصادية عميقة، لذلك، لا بد من الوقوف عند أسبابه، وفهم نتائجه، والسعي إلى إيجاد حلول واقعية للحد منه.
تتعدد أسباب الطلاق وتتشابك بين العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية ،ولكن أبرزها يتمثل بعدم وجود ثقافة تواصل الأهل، خصوصاً في حال المشاكل والحوارات أمام الأطفال.
كما يعد العنف الأسري من أهم الأسباب التي تدفع أحد الطرفين إلى طلب الطلاق… ولا يمكن أن ننسى الخيانة الزوجية التي باتت أكثر انتشاراً في مجتمعاتنا خصوصا مع ظهور التكنولوجيا والبرامج والمشاهد الإباحية التي تدفع المرء إلى عدم السيطرة على شهواته، والانغماس في الفحشاء والقيام بالخيانة . ولا يمكن أن ننسى أيضا المشاكل الاقتصادية كالبطالة والتوتر الدائم في العلاقة الزوجية… إضافة إلى التدخلات السلبية للعائلة في تعميق الخلافات بدل من حلها.
يخلّف الطلاق أثاراً لا تنحصر على الزوجين فقط،بل تمتد إلى الأطفال والمجتمع بأكمله.فعلى مستوى الاطفال يؤدي الطلاق إلى اضطرابات نفسية كالعزلة ،والتوحد ،عدم الشعور بالأمان،وعلى صعيد المجتمع ،يؤدي ارتفاع معدلات الطلاق إلى تزايد عدد الأسرة المفككة ما يضعف النسيج الاجتماعي ويزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على الدولة.
للحد من ظاهرة الطلاق يجب اعتماد بعض الحلول الوقائية والعلاجية في آنٍ واحد، مثل الارشادات التوعوية للأهل في كيفية التعامل مع الأطفال وطرق الحوار خصوصاً في حل المشاكل بعيدا عن نظر الأطفال، فضلا عن تحسين الأوضاع المعيشية للأسر المتعففة لكي لا تشكل أعباء اقتصادية تودي إلى الانفصال .
الطلاق رغم أنه حل مشروع في الشريعة الإسلامية عند استحالة العشرة، إلا أنه يجب أن يبقى الخيار الأخير بعد استنفاد جميع وسائل الإصلاح . لذا بناء مجتمع أسري مستقر يتطلب مجهود أسري وديني كبير لنشوء جيل واعٍ يدرك قيمة الزواج . فهل برأيكم سوف يكون لدينا جيلٍ واعٍ ومثقف بمكن أن يمحو ظاهرة الطلاق؟!