الثلاثاء , مايو 13 2025
الرئيسية / جامعيون ومواهب / حرامي الأطفال… والادمان على الهواتف الذكية

حرامي الأطفال… والادمان على الهواتف الذكية

بقلم الطالبة ريان غادر

ظاهرة الإدمان على الهاتف

في عصرٍ تغزوه التكنولوجيا من كل جانب، اجتاحتْ عالمنا ظاهرة فتّاكة استطاعتْ التغلغل في بيوتنا من دون استئذانٍ ، فأصبحتْ جزءًا لا يتجزّأ من حياتنا، وهي تُعرف بظاهرة استخدام الهواتف. هي ظاهرة لا تعرِفُ عُمْرًا ، ولا تُميّز بين صغيرٍ وكبيرٍ ، فقد جاءت بشكلٍ عشوائي ، فهي لم تختصّ بالفئة العمرية الكبيرة فقط، بل أصبحت في متناول أيدي الأطفال أيضًا ، حتّى بُتْنا أمام ظاهرة مُقْلِقة تُدعى إدمان الأطفال على الهاتف . فما هي الأسباب التي تؤدّي إلى هذا التعلّق الشديد بالهاتف ؟ و ما هي النتائج الناجمة عن هذا الإدمان على الصعيدين الجسدي والنفسي لدى الأطفال؟

الإدمان على الهاتف هو الحالة التي يصبح فيها الطفل غير قادر على الانفصال عن الجهاز أو ترْكه، فتصبح عادة روتينية بالنسبة إليه ، و يعود ذلك إلى استخدامه المفرط والمتكرّر للجهاز لدرجةٍ تؤثّر في حياة الطفل اليومية وسلوكيّاته.
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي بالطفل إلى الوصول إلى هذه المرحلة من الإدمان، منها : غياب الرقابة الأبويّة أو الانشغال الزائد للأهل و ترك الطفل أمام الشاشة لمدة طويلة كوسيلة للتسلية أو لإسكات الطفل، وبالتالي فإنّ المحتوى الجذّاب و طالمثير يجعل الطفل يرغب في البقاء متّصلًا طوال الوقت . كما يعود السبب إلى رغبة الأطفال في تقليد الأهل الذين يكثرون من استخدام الهاتف أمام أولادهم من دون أن ينتبهوا إلى الضرر الذي يلحق بهم ، و أيضًا من هذه الأسباب ، غياب البدائل التربوية كالألعاب التعليمية أو الأنشطة الرياضية واستبدالها بالهاتف فبدلًا من أن يلعب الأطفال ألعابًا يدوية تزيد من نشاطهم الفكري و الجسدي يتّجهون لألعاب الشاشة المضرّة.

أمّا النتائج التي تنجم عن ظاهرة إدمان الهاتف فهي خطيرة على الصعيدين الجسدي و النفسي .
أوّلًا على الصعيد الجسدي ، فقد ينجم عنها تأخّر في النمو اللغوي لدى الأطفال الصغار بسبب جلوسهم الصامت لوقتٍ طويل على الجهاز ، كما يسبّب الهاتف للطفل مشاكل صحية و منها آلام في الظهر و ضعف في النظر .
أمّا على الصعيد النفسي ، فقد تؤدي هذه الآفة إلى الإنعزال الإجتماعي و العصبيّة و يعود ذلك إلى جلوس الطفل وحده لمدة طويلةٍ من دون الاحتكاك مع العالم الخارجي الذي يمكن أن يسبب له مرض التوحّد فيصبح مكتفيا بنفسه بالجلوس على الهاتف، مما يغنيه عمّا حوله من البشر ، و قد ينتج عنها أيضًا ضعف في التركيز و القدرة على التعلّم لعدم ممارسته أيّ نشاطات حيوية تنشّط الذهن و الفكر.

أمام هذه الظاهرة المنتشرة ،من الضروريّ أن يتحمّل الأهل المسؤولية الكبيرة تجاه أولادهم، عبر تنظيم وقت محدّد لاستخدام الهاتف بتوازن من دون إفراط ، وتوفير نشاطات ممتعة ومسلية للطفل ممّا ينسيه الهاتف . فنحن بِدَوْرِنا علينا أن نجعل من الهاتف نعمة تسهّل حياتنا و ليس نقْمة تُعيقُ دربنا . فالهاتف أداة نافعة إذا استُعمِلتْ باعتدال ،و خَطِرة إن تُرِكتْ بِلا وعي أو رقابة . فهل سنشهدُ عصرًا يتمّ فيه استبدال الكتب الدراسية بالهواتف الذكيّة للتعليم في المدارس ؟