مجلة إشكاليات فكرية مجلة ثقافية معرفية
بقلم أ د أنور الموسى
الأنثى وحرب غزة في رواية أعراس آمنة لإبراهيم نصر الله
رواية أعراس آمنة للروائي إبراهيم نصر الله الصادرة عن الدار العربية للعلوم ببيروت.. جزء من مشروع الملهاة الفلسطينية الذي بدأه نصر الله العام ١٩٨٥..وهو عبارة عن عدة روايات مستقلة على مستوى الشخصيات والبناء والمدة الزمنية…
وترسم الروايات صورة من الداخل عن الحياة الفلسطينية… فالروائي يصور الألم الفلسطيني… وتناول في رواينَته أعراس آمنه موضوع الموت والشهادة والصراع والتناقضات… لكنه وظف كل ذلك لعرض ثنائية الفرح والحزن والعرس والجنازة… والحياة والموت!
انها رواية واقعية على لسان النساء.. بوصفها شخصيات محورية في ظل اعتقال الرجال أو استشهادهم…!
إنه الواقع المؤلم الذي يجعل الأنثى تقول: كانت واحدة من الليالي الثقيلة…خطر لي أن أقوم بكتابة تحقيق صحفي عنوانه من يستطيع النوم؟ ولكنني لم أفعل، فقد كان يكفي أن أكتب كل هواجسي الليلية لادرك ما الذي يحدث في غزة! ص٧
ولم يهمل الروائي مفردات القتل والسلاح الذي ينكل بالابرياء.. فذكر القصف والقنابل والصواريخ والدبابات والطائرات… لدرجة أنه اختلط على الناس صوت قرع الباب بصوت القذائف: رجعوا يقصفون أم أن هناك من يطرق الباب؟ سألت امي …ص٦
ولعل اللافت ضياع الشخصيات واختلاط الأسماء.. فالاخت تشبه تماما أختها.. لدرجة أن استشهاد إحداهما يؤدي إلى تقمص الاسم نفسه..
-تمر بي إحدى جارتنا تقول لي.:صباح الخير يا رندة.
فأقول لها أنا لميس يا خالتي!
فتقول لا تؤاخذيني.
وبعد نصف ساعة.. تقول لي:
مرحبا يا لميس..
فأقول لها أنا رندة… ص١٣٦
إنها عقدة المنافسة الأخوية تلك التي جعلت الأخت تفضل اسم اختها لتطلقه على نفسها منذ الصغر…
ولعل مؤشرات البارانويا واضحة في الشخصية الأنثوية: أمي أصبحت تخاف علي، قالت لي إذا بقيت، هكذا ستصبحين مجنونة!
فضلا عن الدلالات النفسية فإن الرواية مفعمة بالعادات والعلاقات الاجتماعية.. فيها تحد للقهر وفيها إرادة الحياة.. إذ إن الأعراس تقام رغم سجن القريب..: صحيح أن وجود أبيك في السجن يجعل الأمر غير مناسب في نظر بعض الناس، لكن ذلك لا بد منه.. فلو انتظرنا حتى تتحسن أحوالنا… وتتحرر فلسطين.. لكان الأمر مصيبة ولا أحد تزوج ولا أحد خلف ص٧!
ولعل هذا إشارة إلى نوع من المقاومة.. إذ إن الإنجاب هو وسيلة لقهر الاحتلال الذي يحاول قتل الحياة والأمل!
رواية أعراس آمنة غنية يمكن دراسة زواياها استنادا إلى مناهج نقدية جمة..!