الجمعة , مايو 17 2024
الرئيسية / قضايا مجتمع ومناسبات / العُصبَة الحاكمة.. والجامعة اللبنانية المضطهدة!

العُصبَة الحاكمة.. والجامعة اللبنانية المضطهدة!

بقلم الطالب حسام محي الدين

دراسات عليا في الجامعة اللبنانية

يتحصَّنُ كلٌّ منهم داخلَ منظومةِ فسادٍ زبائنيةٍ مصلحية، وكلما أحسَّ أحدُهم بالخطر تسلَّحَ بهويته المذهبية شعبوياً مُتَّكِئاً على حاشيته الكبيرة الفاسدةِ المُفسِدَة التي لا شك تنطلقُ منه شخصياً كونه أعلى قمة الهرم ، وتمتَدُّ نزولاً الى أصغرِ” زَلْمةٍ ” هنا أو هناك . ولأن الاقتصاد على ما يقول أربابُ السلطة في خطرِ الانهيار فإنَّ على أهلِ العُصْبةِ أولئكَ ، أنْ تجدَ حلاً سهلاً بمواجهة ذلك الخطر ، إلا أنّهُ لا يجب أنْ يُمسَّ بحزمة ” المكتسبات الوطنية ” التي فازوا بها عبر تاريخهم الطويل من “الكفاح والنضال ” ولكنْ منْ بيتِ مالِ الدولة !
جَنَحُوا بوقاحةٍ الى ما تبقّى منْ جيبِ المواطن على تسلسل وظيفته وعمله من الاستاذ والقاضي الى الموظف فالعسكري ، فالمتقاعدون على أنواعهم الى غيرهم من المسحوقين والمسلوبي الإرادة، والذين يُمَنّون النفس بالعيش بكرامتهم بعيداً من زبائنيةِ ومذهبيةِ هذا المسؤول أو ذاك ، ومن الاستزلام والانخراط في متاريس التمذهب المقيت ورفضِ الآخَر. إتّفقَ أفرادُ العُصبة على أنَّ الصامتَ السّاكتَ المسكينَ المسحوق هو الموظّف الضعيفُ الذي نستطيع الأخذ منه ما يحفظ ماء الوجه أمام ممولي ” سيدر ” . ولم لا ، فهم يريدون ” انقاذ البلد ” ! ، وليبدأوا بِمَن راتِبُهُ رَهْنَ أهوائهم يحسمون منه كيف وساعة يشاؤون .
أهلُ العُصبة الأفذاذ تياراتٍ وأحزاباً : “مناضلينَ ومجاهدينَ وثوريينَ ووطنيين ” لأجل الوطن والمواطن، جميعُهُم انتشروا، استنفروا ، وكلٌّ منهم على حِدةٍ توزعوا الأدوار : فريقٌ أوَلٌ على الشاشات ذارفاً دموعَ تحنانه على الموظف المسكين وراتبه وعائلته ووضعه المزري ، وفريقٌ هوَ توأمُ الأوّل يشحذُ مِدْيَتَهُ داخلَ مجلسِ الوزراء ليباشرَ بسلْخِ ما تيَسَّر لهُ منْ أطرافِ ذلك الراتِبِ العتيد!
أهلُ العصبةِ وجهٌ شئيمٌ لسلطةٍ واحدةٍ مُتَّحدةٍ في الفساد ، وحشٌ منَ العَفَنِ الإنساني الراكدِ في صدورهم المريضة ، وعلى ألسنتهم التي تُظْهِرُ البغضاءَ وهم يحاولونَ إقناعنا أنَّ الهيكلَ إذا ما وقع فسيقعُ على الجميع ! لمْ أدرِ يوماً مَنِ الذي ابتكرَ فكرةَ سقوطِ الهيكل على الجميع ؟! كيفَ يسقطُ الهيكل على الغني والفقير معاً ؟! غنيٌّ فاحشُ الثراء يسبحُ في المليارات المنهوبة التي تفتح له أبوابَ الهروبِ من وطنه ساعةَ يشاء وكيفما يريد (بالباسبورات المليئة بتأشيرات ” الكزدرة ” الى انحاء العالم ) ، وفقيرٌ مُعْوِزٌ تسحقهُ همومُ أيامه وشجونُها فلا يستطيع أصلاً التفكير بالرحيل ليقضيَ هوَ وحدهُ تحت أعمدةِ الهيكلِ المشؤوم السيءِ الذِّكْر . أهلُ العصبةِ ابتِعاثٌ للحقدِ السُّلطوي الذي يتراكمُ زمنياً ، فكُلّما تراكمتْ ثرواتهم تصاعدياً ، كلما انهارتْ مُمْكِناتُ العيش الكريم للمواطن الحُر . أهلُ العصبةِ الذين لم يجدوا أسهلَ وأقرب من جَيْبِ الدكتور والاستاذ والقاضي والعسكري والمدير والأجير وغيرهم وغيرهم سبيلاً ” لإنقاذ البلاد والعباد ” على زعمهم من كارثة الانهيار والافلاس ، ليفاجئوكَ بفنونِ سرقاتهم التي تحولت جوّاً وبرّاً وبحراً إلى طائراتٍ خاصة ، وأساطيل سيارات فخمة تركن تحت قصورهم العاجية ، ويخوتٍ لرفاهية نسائهم وعشيقاتهم .
أهلُ العُصبة أصبحوا بكل فجور وعهر أهلُ اللعب على المكشوف : في النهب والهدر والرشوة والصفقات وإذلال المواطن وقهره على أبوابهم ، كلُّ ذلك علناً جهاراً نهاراً لا يردعهم خوفُ ربِّ السماء ولا حياءُ أهلِ الأرض .
أهلُ العُصْبَة بما هم حفنةٌ من الجَهَلة والسماسرة ، المسؤولون ( أقولُ المسؤول وليس المواطن العادي ) الجاهلون المتبجّحون ، حتى ليكادُ بعضُهم لا يُحسِنُ القراءة والكتابة ، وبعضهم الآخَرُ ، آخِرُ تحصيله العلمي إفادةُ ترشيح لامتحانات ” البروفيه ” اللبنانية ! هؤلاء هم أنفسهم يحكمون ويتحكّمون بمن أفنوا سنين شبابهم في العلم والتعليم ، فيا لسخرية القدر! كيف يحكمُ جاهلٌ مثقفاً ؟ كيف يقودُ أنصافُ الأُمّيين العبادَ والبلاد ؟!
أهلُ العصبةِ هُمْ أهلُ النِّضال الرَّيْعِيّ لأجْلِ خيرِ المحاورِ ومصالحِ الإقليم من حولنا ، وليس أبداً لأجْلِ خير شعبهم .
أهْلُ العُصْبَةِ هُمُ العِصَابة .