قراءة في كتاب علم النفس الأدبي للد. أنور الموسى

بقلم الكاتبة مهى هسي

“إن كل قراءة تستند الى أصول معرفية تؤسسها نظرة فلسفية، تستقطب جميع التصورات للكون الفكري عند القارىء، وتحدد أدواتها الاجرائية عند مواجهة النص، من خلال فعل يتجاوز الشرح، والتفسير، والتأثير الى الاستنطاق الخفي لمكنون النص والزيادة عليه قصد كشف ما لا يقوله” (ص ١٣٨).
هذا الكتاب (علم النفس الأدبي ـ منهج سيكولوجي في قراءة الاعماق) استفزني بقدر كبير لقراءة موسعة في علم النفس والنظريات المختلفة، وبفضل المصادر الكثيرة والأسماء التي تم ذكرها، عدت الى الكثير من الاعمال الادبية التي لم يتسن لي الاضطلاع عليها من قبل (كنرجسية المتنبي عند اليوسف، ومورون في دراسته لشعر مالارميه الشاعر الغامض الذي تأثرت به في صغري…)
يستعرض هذا الكتاب مصادر التحليل النفسي الأدبي ويمثل مصدراً غنيًّا لكل راغب في التوغل في الأعمال الأدبية. فقد ذكر هذا الكتاب وجهات النظر المختلفة والنظريات المعتمدة في التحليل، من فرويد وادلر ويونغ وغيرهم الكثير… وعلى الرغم من تأثري بفرويد إلا أن هذا الكتاب أثبت لي نظرية فرويد أكثر وخاصة مع تحليله للأخوة كارامازوف ووجهة نظري كقارئة لهذا العمل الإبداعي الكبير من خلال تحليل النص بالأديب ولا وعيه، وأعارض من يعتقد بأن النص لا يعبّر إلا عن نفسه، ولا علاقة لمبدعه به وأن النص الأدبي يختزن في حد ذاته لا وعيه الخاص، وهذا اللاوعي يختلف عن لا وعي مؤلفه، ويستدلون على ذلك بأن اللغة تحمل في ثناياها معاني تُخفى على المؤلف نفسه، وكل كلمة في النص تحمل دلالات متنوعة، وتختلف هذه الدلالات باختلاف القرّاء وأحوالهم النفسية ومستوى الثقافة لديهم…
فضلاً عن ذلك، فإن الباحث سلّط الضوء على علاقة علم النفس الادبي بعلم الاجتماع واللسانيات والأسلوبية والبلاغة وعلم الدلالة… وترك لنا نماذج تحليلية لقصيدة الملك “بهرام الأيوبي”.
أخيراً، هذا الكتاب عبارة عن مرجع جاهز لكل قارىء وكل ناقد بالتحديد، ورحلتي معه لن تنتهي ويمكن القول انه استفزني أيضاً للتسجيل في كلية علم النفس يوماً ما. وككاتبة يمكن القول أن الكتابة دوائي الوحيد حيث لا دواء يُعالج النفس ولا طبيب يمكنه الوصول الى منطقة اللاوعي الا القلم، فاللاوعي هو الذي يتكلم حين نصمت عن آلامنا وماضينا، لذا أنا أؤيد ما يُسمى بعلم النفس الأدبي، وأشجع على قراءة هذا الكتاب “صديقي” الذي سيرافقني كجني النقد…
#علم_النفس_الادبي
عن #دار_النهضة_العربية