الأربعاء , أبريل 30 2025
الرئيسية / ابحاث ودراسات عليا / قلة النوم تقتل المناعة وتجلب «الموت».. فما علاجها!

قلة النوم تقتل المناعة وتجلب «الموت».. فما علاجها!

ملف متكامل عن قلة النوم.. وأسبابه ونتائجه وعلاجه وتاثيراته…إعداد مجلة إشكاليات فكرية.

تحرير.وتدقيق.د. أنور الموسى

طرح الباحثون من مركز طب النوم بجامعة سياتل بولاية واشنطن الأميركية طريقة متقدمة في إثبات العلاقة بين قلة النوم وضعف نظام جهاز مناعة الجسم، عبر دراسة ذلك الأمر لدى التوائم المتطابقين Identical Twins، أو ما يُسمى علميًا Monozygotic Twin. ووفاق ما  نشر في عدد 25 يناير (كانون الثاني) الماضي من مجلة «النوم» (Sleep) الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب النوم AASM ومجمع بحوث النوم SRS، قارن الباحثون تأثيرات قلة النوم لدى مجموعة من التوائم المتطابقين، ولاحظوا في نتائجهم وجود علاقة طردية بين قلّة النوم وعدم تمتع الجسم بالراحة من خلاله، وبين تدني قوة عمل جهاز مناعة الجسم وفاعليته.
وتابع الباحثون في دراستهم مجموعة من التوائم المتطابقين الذين لدى كل زوج ثنائي منهم، روتين مختلف بشكل كبير عن أخيه أو أخته التوأم الآخر. وتبين للباحثين أنه لدى أحد التوأم الذي ينام أقل عددا من الساعات بشكل دائم، يكون جهاز مناعته آنذاك أقل قوة وأقل فاعلية في مقاومة الأمراض الميكروبية والتغلب عليها، بالمقارنة مع أخيه أو أخته التوأم. وعلق البروفسور ناثانيل واتسون، أستاذ علم الأعصاب في مركز طب النوم بجامعة واشنطن في سياتل والباحث الرئيس في الدراسة، بالقول: «هذه أول دراسة تظهر حقيقة تدني فاعلية التعبير الجيني المناعي حال الحرمان المزمن من النوم الكافي».
ومصطلح «التعبير الجيني» Gene Expression يُقصد به العملية التي عبرها تحول المعلومات من الجينات الوراثية إلى منتجات جينية، أي بروتينات، تؤدي المهام اللازمة لإظهار الخصائص الجينية في عمل الخلايا وشكل الأعضاء، بعبارة أخرى تؤدي إلى ظهور النمط الظاهري للكائن الحي من طريق إنتاج البروتينات التي تتحكم في شكل الكائن الحي وتتحكم في تحفيز الأنزيمات ضمن مسارات التفاعلات الكيميائية الحيوية لعمليات الأيض (التمثيل الغذائي) التي يتميز بها الكائن الحي.
* قلة النوم
وأضاف البروفسور واتسن، أن هذا يُفسر ربما ما أظهرته سابقًا نتائج دراسات أخرى لاحظت أن تعريض الإنسان الذي يعاني الحرمان من النوم لأنواع من فيروسات رينوفايرس Rhinovirus يجعله أكثر عرضة للإصابة بنزلة البرد Common Cold مقارنة بتعريض شخص آخر يتمتع بنيل قسط واف من النوم اليومي للفيروسات نفسها، وعدم إصابته بنزلة البرد حينئذ.
وذكر الباحثون، أن إحصائيات المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض واتقائها CDC تفيد بأن الأميركيين بالعموم تناقص لديهم عدد ساعات النوم بمقدار ساعتين خلال القرن الماضي. ومع عد سبع ساعات أو أكثر العدد الأساسي والضروري لساعات النوم الليلي الكافية للحفاظ على الصحة؛ فإن ثُلث العاملين بالولايات المتحدة ينامون أقل من ست ساعات في كل ليلة.
ولاحظ الباحثون، أن نصف أنماط روتين النوم لدى عموم الناس يمكن أن تُعزى إلى الاستعدادات الجينية الوراثية Genetic Predispositions التي لدى الإنسان مغروسة بوصفها جينات وراثية في حمضه النووي، ويبقى عاملان آخران، هما: أولاً، نمط الحياة اليومية للإنسان التي يختارها المرء بنفسه ويكيّف بها كيفية عيشه للحياة اليومية، وثانيًا، ظروفه البيئية التي تفرض عليه عددًا من التغيرات في سلوكيات حياته اليومية، يبقيان هما المسؤولان عن تكوين النصف الآخر من مكونات نمط روتين نومه اليومي. ومع أخذ هذه النقطة في الحسبان، تمكن الباحثون من التركيز على الأسس غير الوراثية في سلوكيات النوم ونمطه، وأيضًا احتمالات تأثير ذلك بوظائف جهاز مناعة الجسم، وطبق الباحثون ذلك عبر دراسة عادات النوم لدى التوأم المتطابقين.
وخلال الدراسة، تابع الباحثون تأثيرات اختلاف عدد ساعات نوم كل واحد من زوجي التوأم المتطابق، بحيث كان أحدهم ينام ساعة أقل في الليل كل يوم من أخيه أو أخته التوأم. وأظهرت تحاليل الدم تدني قوة استجابة جهاز مناعة الجسم، وهو ما قيس عبر تحليل قياس نشاط خلايا الدم البيضاء White Blood Cell Activity لدى من ينام أقل بساعة من توأمه.
وللإجابة عن السؤال: لماذا يحصل هذا الأمر بسبب قلة النوم؟ أفاد الباحثون بأن النوم يعمل على تجديد إنتاج البروتينات في مسارات عمل جهاز المناعة، وبهذا يوفر لنا النوم جهاز مناعة يعمل بشكل وظيفي صحيح. وأضافوا قائلين: «النوم مهم في حفظ مستوى الصحة، وهو في هذا الشأن له أهمية تماثل الحرص على تناول الغذاء الصحي وممارسة الرياضة البدنية؛ ولذا يجدر وضع نيل القسط الكافي من النوم الليلي ضمن الأولويات في عيش الحياة اليومية، ولو أن لدى الإنسان مشكلة… عليه مراجعة الطبيب للتغلب على تلك المشكلة اتقاء تأثيراتها السلبية في صحته. وهو ما عبّر عنه البروفسور واتسن بالقول: «لا بديل عن النوم».

* اضطراب جهاز المناعة
وعلّقت الدكتورة جوسيان بروسارد، الباحثة المتخصصة في جامعة كلورادو بقسم علم وظائف الأعضاء التكاملي، بالقول «إنها نتائج مثيرة ومهمة، ونحن لا نزال لا نعلم على وجه الدقة لماذا للنوم هذا الدور الحيوي للغاية في الحفاظ على الصحة ونشاط الوظائف المناعية، ولا يزال هناك نوع من الغموض في شأن النوم، ولا نزال نعلم القليل عما يحصل لاإراديا فينا. والرسالة التي تعطينا إياها هذه الدراسة هي أن الحرمان المزمن من النوم الليلي الكافي يؤدي إلى اضطراب وظائف جهاز المناعة؛ ولذا فإن من المهم جدًا أن يحرص الناس على حماية نومهم الليلي قدر الإمكان».
وضمن إجاباته العلمية، عرض الدكتور إريك أولسن، طبيب الباطنية المتخصص في طب النوم في مايو كلينك روشيستر، دور اضطرابات النوم في التسبب بكثرة الإصابة بالأمراض، وقال: «قلة النوم تُؤثر في عمل جهاز مناعة الجسم، والدراسات الطبية حول هذا الأمر أظهرت أن الناس الذين لا ينالون قسطًا كافيًا من النوم الليلي الجيد هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض عند تعرضهم للفيروسات، مثل فيروسات نزلات البرد، كما أن قلة النوم لها تأثيرات في مدى السرعة في استعادة الجسم للعافية والصحة بعدها. وخلال النوم يفرز جهاز مناعة الجسم بروتينات تُسمى سايتوكاينز Cytokines، ومن هذه البروتينات ما يُساعد أيضًا على النوم، وهناك أنواع من هذه البروتينات ضرورية وحاسمة حال التعرض للعدوى الميكروبية أو الالتهابات أو معايشة توتر الضغوطات، وقلة النوم تُقلل من إنتاج هذه البروتينات، كما أن قدرة جهاز مناعة الجسم على إنتاج الأجسام المضادة للميكروبات تنخفض بفعل قلة النوم. لذا؛ علينا أن ندرك أن الجسم يحتاج إلى النوم الكافي لكي يُحارب الميكروبات. والدراسات الطبية لاحظت أن الاستمرار لأوقات طويلة في حالة قلة النوم يرفع من احتمالات الإصابة بمرض السكري والسمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية».
وعرض الدكتور أولسن جانبا مهمًا، وهو كم يحتاج المرء من عدد ساعات النوم الليلي كي يكون لديه جهاز مناعة نشيط في عمله لحماية الجسم؟ ويُوضح أن الكمية المثالية لنوم غالبية البالغين هي ما بين سبع وثماني ساعات من النوم الليلي جيد النوعية، ويحتاج المراهقون إلى ما بين تسع إلى عشر ساعات، والأطفال الصغار في سن المدرسة يحتاجون إلى عشر ساعات أو أكثر.
* ازدياد الالتهابات
وكثير من الناس يلاحظ أن الإجهاد البدني في أداء الأعمال وقلة النوم ومعايشة توترات الحياة اليومية كلها عوامل تجعل المرء يشعر بالضعف الجسدي، ما يجعل من السهل إصابته بنزلات البرد أو الإنفلونزا أو غيرهما من الأمراض الميكروبية المُعدية. لذا؛ يقول الدكتور ديواكر بالاشاندران، مدير مركز طب النوم بجامعة تكساس: «نتائج الاختبارات الطبية تفيد بأن عدم أخذ قسط كاف من النوم يسهل الإصابة بالأمراض. وكثيرة أيضًا الدراسات التي أظهرت في نتائجها أن خلايا (تي) المناعية T Cells تنخفض حال قلة النوم؛ ما يقلل من التفاعل اللازم لجهاز المناعة مع عدوى الميكروبات المسؤولة عن نزلات البرد. وجهاز مناعة الجسم يعمل بطريقة معقدة، ويتطلب فاعلية عمل الكثير من الخلايا المناعية وإنتاج مواد بروتينية متعددة».
والجسم عند عمله على محاربة الأمراض الميكروبية يستخدم وسائل عديدة، منها ارتفاع حرارة الجسم أو الحمّى، ولذا يضيف الدكتور بالاشاندرن قائلاً: «عندما ننام يتفاعل الجسم بشكل أفضل عبر إنتاج حالة الحمى؛ ولذا حينما ننام بالليل عند الإصابة بالميكروبات فإن حرارة الجسم ترتفع خلال ذلك، ولكن حين لا ننام فإن الجسم لا يحارب الميكروبات كما ينبغي». كما ذكر أمرًا آخر، وهو أن الدراسات الطبية لاحظت أن النوم الليلي الكافي بعد تلقي لقاح الإنفلونزا يجعل الجسم يستفيد منه بشكل أعلى؛ ما يعني أن تهيئة الظروف الصحيحة للجسم، كأخذ قسط كاف من النوم، يجعل جهاز مناعة الجسم يعمل على تكوين عناصر المناعة ضد فيروسات الإنفلونزا بعد تلقي اللقاح الخاص بذلك.
والحقيقة، أن موضوع أخذ قسط كاف من النوم الليلي يتجاوز التفاعل الإيجابي مع نزلات البرد والإنفلونزا، بل له علاقة بأمراض أعلى درجة في الخطورة وتهديد سلامة الجسم، ويوضح الدكتور بالاشاندرن ذلك بالقول «أثبتت الدراسات أن من يحرمون من النوم هم أعلى عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب، وكلما زادت حالة قلة النوم ارتفعت نسبة بروتين «سي» التفاعلي بالجسم CRP، وهو بروتين يدل على ارتفاع معدلات عمليات الالتهابات في الجسم وله دور معروف في الإصابة بأمراض القلب. والدراسات الطبية أظهرت أن من ينامون أقل من ست ساعات في الليل ترتفع بينهم الوفيات مقارنة بمن ينامون سبع ساعات أو أكثر.
*الموضوع السابق من الرياض: للد.عبير مبارك، استشارية في الباطنية، ونشرت الموضوع في موقع الشرق الأوسط.

ومن الموضوعات المفيدة عن الألمان الآتي:

يعاني نصف الألمان من اضطراب النوم، بحسب إحصائيات أكاديمية النوم والصحة الألمانية، في ريجنزبورغ (جنوب)، إلا أن النساء يعانين من اضطراب أشد يجعلهن أكثر عرضة من الرجال للمضاعفات الناجمة عن قلة النوم والممتدة بين الاكتئاب والبدانة وضعف الذاكرة.

ويقول البروفسور يورجن زولاي، من جامعة ريجنزبورغ: إن اضطراب النوم لا يكبح إفراز الهرمون الكابح للجوع فحسب، وإنما يؤثر في الذاكرة ويضعف مناعة الجسم البشري أيضا. وأجرى زولاي، الذي يترأس أكاديمية النوم والصحة أيضا، دراسة في مختبرات الجامعة على 400 امرأة ورجل يعانون من اضطراب النوم وتوصل إلى أن 42 في المائة منهم يعانون من اضطراب يومي في النوم، وأن 15 في المئة منهم يعانون من اضطراب شديد في النوم يؤثر في صحتهم وحياتهم اليومية. ويمكن الحديث عن اضطراب «شديد» في النوم حينما تؤثر الظاهرة في نشاط الإنسان في أثناء النهار وعمله وعلاقاته.

ولا يزيد عدد ساعات نوم المعانين من قلة النوم عن 3 إلى 4 ساعات يوميا، ويستيقظون عادة في ساعات الصباح الأولى ويتعذر عليهم النوم بعدها. وتشتد الحالة عند وجود موعد صباحي، أو مواجهة طلب عمل، أو امتحان، وتؤدي بالتالي إلى إخفاق المرشح للعمل. وهذا ليس إلا واحدا من المضاعفات الاجتماعية التي تمتد بين مشكلات البيت والعمل التي تتفاقم بسبب قلة النوم.

* نساء ورجال

* وبحسب نتائج الدراسة التي أجراها زولاي، فعدد النساء اللاتي يعانين من قلة النوم يساوي ضعف عدد الرجال. ويقول: «لا أقول إن الرجال ينامون أفضل من النساء، ولكنني أعتقد أن النساء أكثر حساسية من الرجال بالعلاقة مع المحيط». وطبيعي فإن هذه المعاناة تنعكس في شكل الكثير من الكيلوغرامات الزائدة في الوزن، والمزيد من العصبية في التعامل، والكثير الكثير من الاكتئاب. وتزداد الحالة صعوبة لدى النساء اللاتي يربين أطفالا صغارا لأن أي حركة في البيت تدفعهن إلى الاستيقاظ والتأكد من أن الحركة لم تنجم عن الصغار.

وقاس البروفسور زولاي  مستويات هرمون «ليبتين»، الكابح للجوع، في دماء المرضى، فوجد نسبا عالية منه، خصوصا في دماء النساء. وطبيعي أن تدور المرأة هنا في دائرة مفرغة، فقلة النوم تؤدي إلى الشعور بالجوع، ويؤدي الشعور بالجوع إلى الاستيقاظ، ثم يؤدي الأكل مساء إلى مزيد من الكآبة والشعور بالذنب والمزيد من البدانة. واعترفت جميع المتطوعات في التجربة بأن الاستيقاظ وعدم القدرة على النوم «يدفعهن لا شعوريا إلى الثلاجة» بحثا عما يؤكل.

وتقول أندريا هنتزة التي شاركت في التجربة، إن وزنها زاد 5 كيلوغرامات خلال 3 سنوات بسبب ترددها الليلي على الثلاجة. والغريب أن المرأة تنام بعد ثوان من وضع رأسها على الوسادة، إلا أنها تستيقظ بعد 3 ساعات وتعجز عن النوم بعدها. وتضيف: «حينما أنام يوما حتى الصباح بلا انقطاع أشعر كأنني ملكة في اليوم الثاني، لكن ذلك لا يحدث سوى مرة واحدة في السنة، مع الأسف».

* قلة النوم والزكام

* وللتأكد من تأثير قلة النوم في مناعة جسم الإنسان تابعت التجربة صحة المتطوعين طوال 4 أشهر وتوصلت إلى أن قلة النوم جعلتهم أكثر عرضة للزكام. وهكذا أصاب الزكام المصابين بقلة نوم شديدة، ضعف ما أصاب به المعانين من اضطراب النوم، وكانت نسبة المعانيات من الزكام بين النساء، من جديد، ضعف الرجال. وطبيعي… فقد تعرض المعانون من اضطراب النوم إلى إضعاف حالات الزكام التي تعرض لها آخرون في مجموعة مقارنة ضمت أفرادا لا يعانون من قلة النوم. عدا ذلك، فقد ثبتت معاناة المرضى من ضعف الذاكرة وضعف التركيز الذي يؤدي، مع مرور الوقت، إلى حالة من النسيان تشبه الخرف الناجم عن «ألزهايمر».

وحقق زولاي تحسنا ملحوظا مع مرضاه في ما يخص ساعات النوم، من خلال الإجراءات الآتية:

* الذهاب يوميا في الوقت نفسه إلى السرير.

* النوم بشباك صغير مفتوح، والحفاظ على درجة حرارة غرفة تتراوح بين 14 ـ 18 درجة مئوية.

* الابتعاد من الأقراص المنومة قدر الإمكان خشية الإدمان.

ومن لا يتحسن يمكنه زيارة مختبر النوم والبحث عن بدائل. وأشار زولاي إلى أن معدل النوم الصحي، بحسب سن الشخص، هو سبع ساعات، وأن أي معدل نوم أقل، وبشكل مستمر، يعد اضطرابا في النوم سيؤدي لا محالة إلى اضطرابات صحية وعقلية. وأضاف: «كان أينشتاين ينام 12 ساعة كمعدل يومي»، وهي أحد أهم أسرار قدرته الهائلة على العمل والتفكير طوال الساعات الـ12 المتبقية.

والسؤال الكبير، كيف يعالج الأرق؟!

يواجه الكثير من الأشخاص صعوبة في الخلود إلى النوم ليلاً ولا ينعسون إلا بعد مدة طويلة، فيستيقظون في صباح اليوم التالي منهكين لعدم تمتعهم بقسط كاف من الراحة. ويمكن لهؤلاء الأشخاص التغلب على مشكلة الأرق والتمتع بنوم هانئ ليلاً من خلال تغيير السلوكيات والعادات الشخصية الخاطئة.

ويعرف الباحث في مجال اضطرابات النوم بمدينة ريغنسبورغ الألمانية ورئيس الأكاديمية الألمانية للصحة والنوم (DAGS) يورغين تسوللي الأرق بأنه عدم قدرة الإنسان على النوم بشكل جيد يومياً لمدة تزيد على أربعة أسابيع، لدرجة تعيقه عن إنجاز التزاماته خلال النهار، الأمر الذي يستلزم اتخاذ تدابير معينة لمواجهة هذه المشكلة.

وأشار تسوللي إلى أن سبب الإصابة بالأرق يرجع في الغالب إلى بعض السلوكيات والعادات الخاطئة التي يؤديها الإنسان عند النوم، فعلى سبيل المثال ينصح الخبير الألماني بعدم الذهاب إلى الفراش إلا عند الشعور بالتعب والإرهاق والرغبة الحقيقية في النوم، كما ينبغي التعود على الاستيقاظ خلال العطلة الأسبوعية في الموعد نفسه خلال أيام العمل.

ومن جانبه يرى رئيس جمعية المساعدة الذاتية في مدينة سولينغن الألمانية هارموت رينتمايستر أن بيئة غرفة النوم تسهم بشكل كبير في التغلب على مشكلة الأرق، موضحاً انه “يجب أن تكون غرفة النوم خالية من أية مثيرات كالتلفاز مثلاً, كما يجب أن يشعر الإنسان بالراحة التامة داخل فراشه، وأن يكون حجم السرير ملائماً لوزنه وعمره، فضلاً عن ضرورة أن تكون درجة حرارة الغرفة ملائمة”.

وصفات منزلية
واقترح تسوللي بعض الوصفات المنزلية البسيطة التي يمكن أن تساعد على التخلص من الأرق، كتناول الحليب المضاف إليه العسل أو مشروب نبات الناردين، بالإضافة إلى بعض الحيل الأخرى مثل العد من واحد إلى مائة حيث يتسم ذلك بالرتابة، ما يُساعد بالطبع على النعاس.

كما أن الاستماع إلى الموسيقى الهادئة يعمل أيضاً على التغلب على مشكلة الأرق، بل ربما يتناسب أكثر مع جو الخلود إلى النوم.

أما إذا لم تزل مشكلة الأرق بعد اتباع كل هذه النصائح، فتنصح كبيرة الأطباء بمركز اضطرابات النوم التابع لمستشفى شاريتيه الجامعي بالعاصمة الألمانية برلين ماري لويز هانسن حينئذٍ باستشارة طبيب.

وعن أهمية ذلك، قالت هانسن “يُمكن للطبيب التحقق في بادئ الأمر مما إذا كان الأرق يُعزى إلى الإصابة بمرض آخر أم لا”. وإذا تحقق الطبيب من عدم وجود أي مرض آخر، يُمكن حينئذٍ استخدام المنوّمات وسيلة مساعدة للتغلب على هذه المشكلة، مع مراعاة ألا تزيد مدة تناولها على أربعة أسابيع.

وإذا لم تُجدِ هذه المنوّمات نفعاً مع المريض تنصح هانسن بضرورة استشارة طبيب مختص في اضطرابات النوم، موضحة أن “اضطرابات النوم معقدة للغاية، وللأسف لا يوجد لها أسلوب علاجي عام”.

مواجهة المشكلة
ولمواجهة مشكلة الأرق، تنصح هانسن باتباع إيقاع حياة طبيعي، قائلة “سُنة الطبيعة تتمثل في الاستيقاظ مع شروق الشمس، والخلود إلى النوم مع حلول الظلام”، وتؤكد الطبيبة الألمانية أن “موعد الاستيقاظ من النوم يُعد أهم نقطة زمنية في اليوم بأكمله”.

وأشارت إلى أن هناك إحدى تقنيات العلاج الفعّالة للغاية التي لا تستخدم سوى مع حالات الأرق الشديدة فحسب، وهي أن يظل المريض مستيقظاً حتى يصل إلى مرحلة يفقد فيها قدرته على تأدية أي شيء ومن ثمّ يغلبه النعاس.

وعن فائدة هذه التقنية أوضحت هانسن أن الإنسان يدخل حينئذ في نوم عميق، ومن ثم يعوض الجسم ما فاته من مراحل مهمة للغاية بالنسبة إليه، وبهذه الطريقة يتدرب الإنسان على النوم بشكل فعال يتيح له التمتع بالراحة والهدوء.

وتقدم الطبيبة الألمانية النصائح التالية للتخلص من الأرق والتمتع بنوم هانئ ومريح: المواظبة على ممارسة الرياضة خلال النهار أو ممارسة الأنشطة الحركية عامةً بشكل كاف، وتناول الوجبات في الموعد نفسه يومياً، والابتعاد عن النوم خلال النهار، ولكن من الأفضل أخذ أوقات راحة على مدار اليوم.

بالإضافة إلى عدم تناول أية مشروبات تحتوي على كافيين أو أية أدوية قبل أربع ساعات من موعد النوم،  وكذلك استحضار حالة من الهدوء قبل النوم، من خلال ممارسة تمارين الاسترخاء مثلا، وأخيرا الامتناع عن التدخين خلال المساء…