الأربعاء , أبريل 30 2025
الرئيسية / ابحاث ودراسات عليا / الألم في أدب كنفاني/مشروع بحث او مقدمة لرسالة ماستر

الألم في أدب كنفاني/مشروع بحث او مقدمة لرسالة ماستر

الالم والمازوشية في أدب غسان كنفاني رجال في الشمس أنموذجا

الجامعة اللبنانيّة
كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة
قسم اللّغة العربيّة
العمادة
رسالة أعدّت لنيل شهادة الماستر
في اللغة العربيّة وآدابها

الألم والمازوشيّة في أدب غسان كنفاني
” رجال في الشمس ” أنموذجا

إعداد الطالبة : نظيرة فضل حسن
إشراف الدكتور: أنور عبد الحميد الموسى
(أستاذ مساعد)
أعضاء اللجنة
الدكتور ديزيره سقال (أستاذ مساعد) الدكتور جان طنّوس (أستاذ مساعد)

بيروت
العام الجامعي 2014- 2015
المقدّمة:

أهمية الموضوع:
تعالج هذه الدراسة موضوع الألم والمازوشيّة في أدب غسان كنفاني، ونظرًا إلى اتساع رقعة الموضوع ، اخترنا رواية “رجال في الشّمس” أنموذجًا؛ إذ إنّ روايات غسان كنفاني تدور كلّها في فلك واحد، أعني “النكبة” ، وما تلاها من اللجوء والتّشرد في المخيمات؛ ولذا يلاحظ أن أبطال الرواية يعدّون عيّنة تنطبق على مختلف الشخصيات الكنفانية ؛ تلك التي يوحدها عامل الألم، والحنين إلى الفردوس المفقود ( الوطن).
فموضوع الرواية ودراسة هذه الشخصيات دراسة نفسيّة ، يفسحان المجال أمام الدّارس للغوص في أسرار المعاناة عند الكنفاني، ذاك الأديب الذي يتماهى مع كل شخصية من شخصياته تقريبًا، فهو حاضر بصوته الصّاخب ، وصراخه الشّرعي المفقود المختنق داخل عربة يقودها خصي هزم مرّة أولى، وسيقود الجميع إلى الموت، ولذا سيكون اعتمادنا في الدراسة على المنهج التّحليلي النفسي، بهدف الإضاءة على شخصيات الرواية، وتفكيك كنه رموزها ودلالتها السيكولوجيّة.
الإشكاليّة :
تتناول هذه الدراسة أربع شخصيات رئيسة : أبا قيس، وأسعد، ومروان، وأبا الخيزران، ويلاحظ أن القاسم المشترك ما بين هذه الشّخصيات، وجود المعاناة والألم، والحنين إلى الحياة الجنينيّة (الوطن) … وهنا تطرح الأسئلة الآتية:
ما بواعث الألم والمعاناة عند شخصيات تلك الرواية؟ ولِمَ اتّسمت تلك الشخصيات بالطابع المازوشي؟ ألا يُعدُّ ذلك انعكاسًا لآلام الكنفاني نفسه ؟ وكيف تماهى الأخير مع شخصيات روايته؟ وإلى أي حدّ استطاع بتماهيه أن يرفع عاليًا، ليصرخ مناديًا للنهوض والثّورة ضدّ الظلم والفساد؟! وهل لقلم الكنفاني صدىً في تغيير الواقع العربي؟ وما علاقة ذلك بالحرمان والنقص والكبت عنده…؟
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
عرف غسان كنفاني بأنّه من أكثر روائيي حقبة الستينات واقعيّة، ولا شكّ في أن الشخصيات التي اختارها، ولئن كانت شخصيات روائيّة صنيعة خياله، إلّا أنّها في الغالب مرآة تعكس معاناته وأزماته العاطفيّة … وإخفاقاته الطفوليّة، فضلًا عن واقع المجتمع الذي عاش فيه؛ ولذا تحاول الدراسة تسليط الضوء على بواعث تلك الاخفاقات التي أهملتها الدراسات السّابقة التي ركّزت على النّواحي السياسيّة والأيدولجيّة والواقعيّة… من دون التطرّق إلى القضايا النفسيّة التي تغلّف شخصياته.
فضلًا عمّا سبق، فإن أهميّة هذه الدراسة تنبثق من الحقبة التي كتبت فيها الرواية، ناهيك عن أن الشّخصيات الروائيّة عند كنفاني، تحمل رؤية الكاتب وانطباعاته عن مجتمعه، وكأني به يعبّر من خلالها عن “رؤية كونية” لا تخلو أيضًا من دلالات نفسيّة، ولذا تساهم هذه لدراسة في تهيئة ظروف أفضل لفهم غسّان كنفاني، من خلال تبنّي منهج التّحليل النفسي، لكشف النقاب عن العُقد النّفسيّة عند غسان كنفاني، استنادًا إلى معطيات كلّ من فرويد ويونغ وآدلر وآخرين، فضلًا عن موقف كلاين من عقد الأطفال والأوهام اللاشعوريّة والموت.
ففي رواية “رجال في الشّمس”، يلاحظ انّ لحظة السقوط المدمّر هي نتاج ضمور الذات، وتقلّصها وانكماشها، وقبولها بالذّل والهوان، فيتحوّل الموت عند كنفاني إلى الملاذ الأخير الذي يضع حدًا للألم والاحساس بالعجز، وفيه تجد الشّخصيات في الموت عودة إلى الفردوس المفقود، والمرحلة الجنينيّة التي يشعر فيها الطّفل بالأمان والطمانينة والرّاحة والسكينة والهدوء .
وتنقسم الشخصيات في رواية غسان كنفاني إلى قسمين، شخصيات واقعيّة، وأخرى حكائيّة من نسج خيال الكاتب، على أنّ الشخصيات، وإن كانت حكائيّة، فإنّها تنبثق من رؤية الكاتب وفلسفته، ونظرته إلى المجتمع، فالواقعيّة في قصّة “رجال في الشّمس”، لم تخلُ من احساس الالم والعذاب ومظاهر الفجيعة والموت والفناء؛ لذا وجدنا من المهم تتبّع رؤية غسان كنفاني للشخصيات التي عايشها، وتماهى معها، ولعلّ هذا هو السبب الموضوعي لاختيار هذا الموضوع مجالًا للدرس .
أمّا بالنسبة إلى السبب الذاتي، فيعود إلى إعجابي الشديد بالأديب غسان كنفاني الذي عاش القضيّة، ومات من أجلها، فيكفي غسّان شرفًا أنّه الصّوت الصارخ للتحرّر من قيود الظلم والاستبداد، فهو الظمآن حتى الموت، كان يحلم بروي عطشه في حضن وطن مزّقته أيدي الطغاة .
والمبتغى من هذه الدّراسة تسليط الضّوء على ما تركته الاقلام جانبًا، فعلى الرّغم من طرق أبواب هذه الرواية مرارًا وتكرارًا على أيدي الدّارسين، إلّأ أن الجانب السيكولوجي لم يحظ بالدراسة والاهتمام، ولعل هذا ما شجّعنا على الغوص في غمار هذه الرواية من الجانب المازوشيّ السيكولوجيّ.
المنهج المتّبع وأسباب اختياره :
تعالج هذه الدراسة الشخصيات المازوشيّة في رواية “رجال في الشّمس”، بهدف إماطة اللثام عنها، وكشف أبعادها، ويلاحظ في هذا السياق، أن أكثر المناهج ملائمة لهذا الموضوع، هو المنهج التّحليلي النّفسي الذي يتيح لنا الدخول إلى خفايا الشّخصيات، وعالمها النّفسي، فضلًا عن البناء الشّعوري واللاوعي عنده، مستندين إلى طروحات فرويد وآدلر ويونغ وآخرين، ولا نجد حرجًا في الاعتماد على علوم نفسيّة أخرى تستعين بالسلوك والجشطالت؛ فالجشطالتيّة الحديثة بحسب ف. برلز، على الرّغم من اختلافها مع يونغ، إلّا أنها تطوّره ولا تلغيه، فهي بدل اختزال الانسان إلى شخصيّتين، تقدّم لنا أنماطًا من الشّخصيات المترجحة ما بين حالة وأخرى، وهذا ما سنطبّقه عل شخصيات رواية “رجال في الشّمس”.
نذكر على سبيل المثال شخصيّة المستسلم الضّعيف (أسعد) الذي يلتحم بالآخرين، محاولًا التلاقي بهم، والاتّفاق معهم، ولكن هذا الالتحام يحول بينه وبين الإنسان السّوي، ويلاحظ في هذه الرواية أيضًا شخصيّة الهارب (أبو قيس ) من مواجهة المشكلة، أو المنحرف عنها، نظرًا إلى قلّة ثقته بنفسه، وهناك شخصيّة الثائر (مروان) الذي يحوّل عدوانيته إلى ذاته، عاكسًا مشاكله نحو الدّاخل، وأخيرًا، هناك شخصيّة تشعرُ بعدم الاستقرار النّفسي، نظرًا إلى ميل صاحبها إلى إسقاط صفاته الحسنة على الآخرين، بانتظار أن يحلّوا له مشاكله، وإذا لم يحصل على هذه المساعدة، فقد ثقته بالنّفس وانهار، وربما جنح إلى الانتحار، وكأني بغسان كنفاني هنا يتماهى بهذه الشخصيات الأربع في روايته السّابقة.
ناهيك بأن الرواية، تعكس عقدًا نفسيةً جمةً، تتبادلها الشّخصيات، كالعقدة المازوشيّة، والعقدة النّرجسيّة، فضلًا عن عقدٍ أخرى .
ولذا، يلاحظ أنّ منهج التحليلي النفسي هو الأنسب لمعالجة خفايا الشّخصيات، فهو يسلّط الضّوء على العقد والدوافع، وفي هذا السياق، يرى فرويد أن عالم النفس محكوم بمجموعة من العقد والدوافع، أبرزها الدّافع الجنسي الذي يعمل بصورة نشطة منذ لحظة الميلاد.
فضلًا عن أن هذا المنهج يفسّر هفوات السلوك وهناته، ومواطن ضعفه، وما ينطوي عليه من دلالات ومعان خفيّة في صيغها الظاهرة… فلا شيء يحدث عن طريق الصدفة في مجال السلوك والحياة النّفسية، كما يعتقد أنصار مدرسة التحليل النفسي.
فالهفوات بمفهوم فرويد، لا تعبّر عن الطبقات العميقة في المنطقة اللاشعوريّة فحسب، بل يمكنها أن تعبّر عن الصراعات النّفسيّة الدّاخليّة…
مخطط البّحث
وزّعت مواد البّحث على الفصول الآتية، بعد المقدّمة:
المقدّمة: تتناول حدود الموضوع، وأهميته، واسباب اختياره، ومنهجه، وبواعث اختياره، فضلًا عن الاشكاليّة والهدف…
الفصل الأوّل : الطّابع المازوشي في شخصيّة أبي القيس
أولًا: مظاهر المازوشيّة عند القيس
علاقة أبي القيس بالأم، والرضوخ والاستسلام وتفضيل الموت على الحياة
التلذّذ بالالم والمعاناة في أعماق أبي القيس
ثانيًا: الاضطراب النّفسي وضمور الذّات في مكنون شخصيّة أبي القيس
مظاهر الاضطراب النفسي عند ابي القيس ومؤشرات الاكتئاب
الفصل الثاني: الاستسلام والرضوخ في شخصيّة أسعد
أولًا: الحلم والتداعيات النّاقصة عند أسعد
الاستسلام والضعف في شخصيّة أسعد
الذات المتأرجحة والميول المشوّشّة والمضطربة عند أسعد
ثنائيّة الحلم والواقع في شخصيّة أسعد
الفصل الثالث: الحنين إلى الفردوس المفقود في شخصيّة مروان
أولًا: مظاهر الثورة في شخصيّة مروان
مروان الثائر الذي يحوّل عدوانيته إلى ذاته
رضوخ مروان وقبوله بالهرب من أجل تحقيق حلمه
ثانيًا : مظاهر التفكّك في شخصيّة مروان
حنين مروان إلى الفردوس المفقود (الوطن، القرية، الأم، الأسرة…)
الفصل الرّابع: سلطة الأنا الأعلى والفساد في شخصيّة أبي الخيزران
اولًا: الأثر النّفسي لفقد الرجولة عند أبي الخيزران
سلوك أبي الخيزران اللاسوي، ومظاهر الاغتراب عن الذّات
الصراع النّفسي للأنا الدّاخلي عند أبي الخيزران
حب الجاه تعويضًا لفقد الرجولة عند أبي الخيزران
الخاتمة: تلّخص ما توّصل إليه البحث من نتائج وتوصيات…
وبعد، يعدّ هذا البحث خطوة نحو إنصاف هذا الأديب الملتزم، وفي هذا السياق، لا يسعني إلّا أن أشكر المشرف والقرّاء وكلّ مَن مدّ لي يد العون للتّغلب على العقبات الّتي اعترضتني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.