الجمعة , مايو 17 2024

مدائن الوقت

شعر الأستاذ علي وهبي دهيني

مدائن الوقت

أخفِضْ سماءَك إنِّي جئتُ مُلْتَمِسا
دِفئاً بعينيكَ .. ضاقَ الكونُ والتَبَسَا

قلبي شريدٌ أيا ربِّي وليسَ لَهُ
حضنٌ سواكَ .. ومَن يهواكَ ما يَئِسا

أنتَ امتدادٌ لِمَا في الروحِ من سَكَنٍ
دعوتُ باسمِكَ في دمعي الذي احتبسا

تمشي خُطايَ إلى علياكَ مُتعَبةً
فكُنُ لقلبي إذا جنَّ الدُّجَى قَبَسَا

أعد لوجهيَ طِفلاً كان يشبهُني
ألوذُ في وجهِهِ كي أُرفعَ الدَّنَسا

أنا الذي تِهتُ في دُنياكَ ذاتَ هوىً
حتَّى وجدتُكَ يا أللهُ لي أَنَسَا

كُن لي سخيًّا كلونِ الماءِ لو نَطَقَت
جروحُهُ في شقوقِ الليلِ لانْبَجَسَا

إنْ كان ذا الخلقُ بعضاً من رؤاكَ فَهَلْ
مَحَوْتَ من دفتري الموجوعِ بعضَ أَسَا

وكيفَ يصبرُ موجوعٌ تضجُّ بهِ
مدائنُ الوقتِ .. حتَّى غابَ واندَرَسَا

يا بائعَ العمرِ مهلاً لا يزالُ فمي
مُثرثرا .. إنْ بدا في همسِهِ سَلِسَا

هلاَّ مررتَ على صوتي الذي اختنقت
فيه الصباحاتُ فارتدَّت إليهِ مَسَا

ربَّاهُ وارجِعْ بساتيني التي رَقَصَت
فيها الفصولُ .. وظلِّلْ غيمَهَا حَرَسَا

ولمْلِمِ الحُزنَ عن أوتارِ أغنيتي
لعلَّ عزفَكَ يُلقي في دمي النَّفَسَا

يا أنتَ يا كلَّ هذا الضوءِ .. قاحلةٌ
صحراءُ عينيَّ فيها الدمعُ قد يَبِسَا

فاحْمِلْ بكفَّيكَ ما يقوى على ألمي
وارْأفْ على الوجعِ المُشتدِّ حينَ قَسَا

بَعْثِرْ هواكَ على صفصافِ أزمنتي
واسْكُبْ على (ليتَ) عِشقاً كي تصيرَ (عَسَى)