الجمعة , مايو 17 2024
الرئيسية / قصة وسرد / ستسجن أنت كي…!

ستسجن أنت كي…!

بقلم الكاتبة مهى هسي

ستسجن أنت كي…!

شغلتنا أقدامنا الصغيرة المغطاة بالثلج ونحن نخرج من قصص تشيخوف، كنّا ثملين نترنح في الأزقة كالكلاب الضالة، نمسح شعرنا المبلل بأكمامنا الواسعة ونصنع من حزننا الوحيد زلاجة ونتزحلق عليه… أتذكر جيداً هيئتك الرثة وأنت تتسول لنا مدفأة، أتذكر حذاءك المثقوب وجواربك المبللة، ثم كيف صنعنا خيمة من معاطفنا الثقيلة وتعانقنا تحتها… وهي تهتز من المطر والريح. كان يجب أن نتسول حزناً أكثر كي تصير الزلاجة زورقاً يأخذنا عبر المحيط إلى أميركا، لكن لم يقبل أحد أن يقرضنا حزنه!

أتساءل حتى الآن لم تشبثت تلك الشخصيات بحزنها المضحك؟، لم يفعل ذلك معظم الناس، بينما يسافر العشاق على خشب مهترئ تفسخ في وسط البحر،؟ وتركنا نسبح ونلوح للسفن العابرة كي تحملنا، أتذكر كيف حل الماء المالح مكان الفودكا وكيف استمرينا بالضحك ونحن ندعي أننا صيادان هاجمتهما سمكة قرش وأكلت قاربهم.
سأعترف لك أن تلك كانت رحلتي المفضلة، كنت أعشق الصياد الصغير في أفلام الكرتون منذ الطفولة، وحين كبرت استبدلته بالبحارة وبذلة القبطان البيضاء،. المرافئ مازالت أمكنتي المفضلة، وأنت تحت الشمس الحادة مرتدياً قبعة القش و رمال الشاطئ، كنت تبدو جميلاً أكثر من أي شيء. كنا نعرف كل الشواطئ هناك، حتى شواطئ تشيلي اللطيفة التي تستورد البارود سراً، وحتى التي غزاها البترول فصارت شاحبة، لم عدنا من هناك إذاً؟ لأنك أيها الأبله كنت تغار من البحر، وتغيظني بأن ترقص وحدك، وأنا أبحث في قصص غاليانو عن مكان تحدث فيه قصص الحب السعيدة، كي نهرب إليه. كنت سأكتب مذكراتي عن تلك المغامرة، لكن ملكة البحر أهدتنا أمنية واحدة، حينها تحولنا إلى مناديل رقيقة كي نعود إلى هنا، حينها كانت الريح صديقتنا، تركتني أهبط كل مرة على أجراس كنائس إيطاليا، وأنت على عرائش العنب المهيأ للنبيذ،،، الآن كلما اهتز جرسٌ أو مس شفتي النبيذ، أطير إليك حيث أنت، أسحبك إلى جهتي من الخريطة وأرقص معك، لم يعد بإمكاننا يا حبيبي أن نطلب أمنيات أخرى، عليك فقط أن تمد يدك فوق البحر الأبيض وتجر إيطاليا إلينا، وسأقوم أنا بخياطة السواحل بخيطان قوية جداً، وسنعبر قفزاً إلى أماكننا المفضلة. ثمة الكثير لم نكتبه لأنك تستهلك الوقت بحلاقة ذقنك وهذا ما لا أستطيع تفويته، لأنني أستحي من ذكر الأغاني الشعبية التي ترقص عليها، ومن القول أني سأظل دائماً أحبها لأجل طريقة كتفيك بالاهتزاز معها. أيضاً لم أعرف كيف أكتب أني أحب غضبك، دون أن أحرضك على زيادة صراخك في وجهي، أحبه لأنك تشبه فيه رجال المافيا في الأفلام، هؤلاء الذين لم نتمكن من تقليدهم خوفاً من قتلنا ونحن نهرب المخدرات في الرسائل الورقية. لكن لا بأس، سأهديك في عيدك القادم مسدس ماء، حاول إغراقي وسأشي بكل مخالفاتك، ستُسجن أنت وأتفرغ أنا للكتابة عن الحب.