الخميس , مايو 2 2024
الرئيسية / قراءة في كتاب / قراءة في رواية نسوة في السبعين

قراءة في رواية نسوة في السبعين

بقلم الكاتبة مهى هسي

تقول سمية الجرّاح في روايتها “حكايات نسوة في السبعين” في طبعتها الأولى (٢٠١٩) الصادرة عن دار النهضة العربية: “وا أسفاه على زمان الوصل، وا أسفاه على كل من لم يعش في زمان ولا مكان النسوة في السبعين…” (ص ٢٣٣)

تأخذنا الكاتبة مع شخصيات الرواية في رحلة الى الزمن القديم، نابشة التفاصيل الدقيقة للزمن المتواري الذي لم يزل يحيا بين حنايانا، إنه الزمن الرومانسي، المُبهج، المُترع بالأشواق والحميميات، وبهاء اللحظات الباهرة في ثنايا تلك الأيام، والى العادات والتقاليد التي سلبت جولييت، وعايدة، وسعاد، ونائلة وهناء أحلامهن في مرحلة شبابهن، لنجد انفسنا معهن ونستمع الى أ طحاديثهن في مقهى “بردى”، حيث يتذكرن سويًّا تلك الأيام بحسرة على أنغام فيروز ووردة وميادة. يتفقن على رحلة سياحية الى لبنان، فنعيش تفاصيل الأحداث ونبحث معهن في شوارع بيروت عن آثار الانفجارات والحروب الدامية التي شهدنها خلال رحلاتهن الماضية.

في السبعين من العمر بدأت حياتهن، فقد وجدت كل منهن في ملامح الأخرى أثراً جميلاً لحياة جديدة، فيبددن ملامح شيخوختهن بضحكاتهن. إلا أن اليوم الموعود للقاء في مقهى بردى لم يكن في الحسبان، فأول انفجار في دمشق عام ٢٠١٣ فرّق نسوة السبعين، منهن من نزحت ومنهن من هاجرت وإحداهن لا مكان لها فقد أضاعت مفتاح العودة إلى فلسطين بعد أن أخفته أيدي العرب في مزهريات قصورهم… فتركن مقهى بردى يرتج مع أصوات القذائف وكان لهن “بردى” آخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

يزخر السرد بتلك الرصع اللغويّة السهلة والسلسة التي لا تنفكّ تسحبك إلى تلك الحقبة الزمنية من شوارع سوريا ولبنان. ثم تنقلك الأحداث ومن خلال حبكة روائية أخّاذة إلى زمننا هذا مع كل التغيرات التي حصلت في المجتمع من العادات والتقاليد الى التكنولوجيا. ينفتح السرد في الرواية على أزمنة مختلفة، تتداخل بين ماضٍ قريب وآخر بعيد، وبين حاضر قريب، وآخر يكاد يكون رؤية للمستقبل، فنجد أنفسنا أمام لواحق سرديّة، وهو ما يوقعنا في مفارقات زمنيّة يُقصد بها مختلف أشكال التنافر بين ترتيب القصة وترتيب الحكاية. ولا يلغي هذا التلاعب بالزمن ميزة النص في شبهه لأسلوب القصّ الواقعيّ.

تترك الكاتبة النهاية مفتوحة كما في الواقع الأليم حيث الجميع ينتظر ويحلم ويرجو … فكما قال أحمد شوقي:
“ويا وطني لقيت بعد يأس كأني قد لقيت بك الشبابا
وكل مسافر سيؤوب يوماً إذا رزق السلامة والإيابا”

المصدر مجلة إشكاليات فكرية الإلكترونية

شاهد أيضاً

القصيدة الأنثى في ميزان التعويض والأنا في شعر حمزة عبود

بقلم أ.د.أنور الموسى القصيدة الانثى في ميزان التعويض والكبت والأنا في شعر حمزة عبود   …