الجمعة , مايو 17 2024
الرئيسية / قراءة في كتاب / قراءة في رواية موت بلون آخر لسامي البدري

قراءة في رواية موت بلون آخر لسامي البدري

بقلم الأستاذ الدكتور أنور الموسى

قراءة في رواية موت بلون آخر لسامي البدري

هل للموت لون آخر؟
عنوان مجازي مثير، يحمل أبعادا فلسفية ونفسية جمة، يقدمه سامي البدري في روايته موت بلون آخر الصادرة عن مؤسسة الرحاب الحديثة ببيروت…
بطل الرواية كمال الشاب العراقي الذي عاد إلى بغداد بعد غياب تجاوز ٣٠عاما…
هرب من واقعه عبر زواج غير متكافئ من فتاة ثرية، عاش عشرين سنة في اغتراب ونفي. فالزوجة ابنة الجاه  تعرف الحياة من اتجاهها المادي, وهنا تبدأ العزلة الطويلة التي تنتهي بحادث سير مؤلم مع ابنتها الوحيدة التي تركت لـ«كمال» طفلة عمرها ثلاث سنوات، فانصرف البطل الى تربيتها وتعليمها حتى اشتعل حنين الشوق إلى العراق، فحزم أمتعته وعاد ليجد أن الوجوه تغيرت، وأن دار السلام ـ بغداد، صارت خضراء وحمراء وصفراء، فالتقى بعشقه الأول الذي هرب منه بحثاً عن الحياة، ليصحو مرة ويجده مقتولاً بحجة الاختلاف الديني. ثم خسر جارته المتخصّصة في علم الاجتماع ربّما للسبب ذاته، إلى أن تعرّف إلى «زينب»، الفتاة المثقفة وغرق في علاقة جعلت منه مصدر إزعاج لبعض الأشخاص، ما أدى إلى خسارة حفيدته انتقاماً بحادث سير مفتعل وإصابة «زينب»، يا لها من خسارة كبيرة ومتتالية دفعته إلى الهرب بعد كل هذه اللعنات، مقتنعاً بأن هذه البلاد لم تعد لأبنائها، بل أصبحت ملك مجموعة من الأشرار يسكنون ما يسمى المنطقة الخضراء. وهذا ما دفع به للعودة إلى منفاه الأولى بعدما اصطحب حبيبته «زينب» كإرثٍ أخير يواسي به روحه.

فهذه الرواية التي درستها بعض الأقلام باختصار تعد من الدراسات المهمة التي تلقي الضوء على واقع الشخصية العراقية والعربية.. حيث الهرب من الوطن، ومواجهة الويلات…
ويمكن أن تدرس شخصيات الرواية دراسة نفسية تظهر العقد والصدمات والاضطرابات.. والعلاقات الأسرية!:(فأنت تعرف أننا عرب والعرب يتكاثرون حتى آخر بيضة… ص١٩)
وللمكان دلالة مهمة في الرواية كبغداد وحي الكرادة ومطعم النافورة…فضلا عن الدلالات السيميولوجية للزمان والرموز…
ويلاحظ في الرواية  الخوف والتعب النفسي الملازمان للشخصية.. وهذا وحده يحتاج إلى دراسة مستقلة…:
… قالت آن وهي ترتعش خوفا وقلقا:
_دعوني أطلب لكم سيارة إسعاف أرجوكم… ص٢٣٩

لغة الرواية سهلة،والحوار فيها اتسم بالرشاقة.. بحيث يشد القارئ إلى متابعة الأحداث عبر تقنيات سرد متقنة! (تأخرت صدى في عودتها لما بعد مغيب الشمس… ص٢٩)
-كلا كمال، أرجوك، ليس هذه المرة أيها العجوز! اذهب انت وانا اتبعك! ص١٢
ومع ذلك لا تخلو الرواية من بعض الأخطاء اللغوية والمطبعية والشائعة كما في ص 10لم نراعي…

وحبذا لو دققت أفضل قبل النشر.. كونها مادة دسمة للتشريح النصي!