الأربعاء , أبريل 30 2025
الرئيسية / ابحاث ودراسات عليا / اللغة وظائفها السوسيولوجية ومقوماتها الفكرية ووسائل تطويرها… (دراسة متسلسلة… الجزء الأول)

اللغة وظائفها السوسيولوجية ومقوماتها الفكرية ووسائل تطويرها… (دراسة متسلسلة… الجزء الأول)

بقلم محمد توبة

اللغة هوية، ووسيلة تواصل، ومعيارٌ أساسي في حفظ الهوية وتحديد الذات، وهي الوعاء الفكري والحضاري لأي أمة من الأمم، وأهم مقوّم من مقوّمات الأمّة وشخصيّتها، ورابط من أهم الروابط التي تربط بين شعوب الأمة. والأمم المتحضرة تعتز بلغتها وتفتخر وتتباهى، ومتى تخلى شعب عن لغته أو تهاون ذل، واللغة مرتبطة بشكل وثيق بالناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأي أمة.

فلذلك نرى حرص الأمم المتقدمة على لغاتها واصطناعها الوسائل تلو الوسائل لتعليمها ونشرها، والمحافظة على وَحْدَتها وتماسكها؛ لأنها سبيلٌ إلى قوة الأمة وتآلفها. [1]

ومبحثنا هذا يختص  باللغة العربية، فاللغة “العربية من أعرق اللغات العالمية مثبتا، وأعزها جانبا، وأقواها جلادة، وأبلغها عبارة، وأغزرها مادة، وأدقها تصويرا لما يقع تحت الحس، وتعبيرا عما يجول في النفس، لمرونتها على الاشتقاق وسعة صدرها للتعريب، وهي لغة شاعرية حساسة ذات منطق وفصاحة وبلاغة وآداب. فليس هناك معنى من المعاني، ولا كلمة من الكلمات، ولا فكرة من الأفكار، ولا عاطفة من العواطف، ولا نظرية من النظريات، تعجز اللغة العربية عن تصويرها بالأحرف والكلمات تصويرا صحيحا واضحا”.[2]

واللغة العربية تتميز بأنها لغة دينية، فهي اللغة الرسمية للدين الاسلامي، واللغة الوحيدة الموجودة في هذا العالم التي تفرض على معتنق الدين الاسلامي أن ينطق بها ولو أنه لا يتقنها، وعلى الرغم من أنها تعتبر اللغة الرابعة عالميا بعدد الناطقين بها، إلا أنها اللغة التي يهتم بها وبتعلمها أكثر من مليار انسان في هذا العالم.

ومما لا شك فيه أن اللغة العربية كانت لغة رسمية لدول حكمت العالم وكانت هي الأقوى، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الفكري أو العسكري ربما، فاللغة العربية بعد الإسلام استقطبت العجم، وكانت اللغة الفكرية بل والعلمية التي استقطبت العقول والأدمغة، وهي اللغة التي ضمت في بساطها الكتب وعربت لغات أمم واستقطبتها، في عصر القوة والسيطرة، وكانت اللغة التي يعتز بها ناطقها بل يتفاخر بها، وهنا أستطيع القول اننا كنا في حال وأصبحنا في أخرى، فكنا نصدر العلم أصبحنا نستورده، وكنا نستقطب الأدمغة وبتنا نفقدها، فكانت اللغة بسبب قوتها وقوة الدولة والاقتصاد والأجواء العلمية تستقطب الأدمغة وبتنا في زمن تهاجر الأدمغة من بلاد العربية، وهنا تكمن العديد من الاشكاليات التي يجب طرحها. أولها:

أين هي اللغة العربية اليوم في وجدان العربي نفسه؟

يتبع……..

[1]  إسلام عمارة، مقالة تحت عنوان اللغة العربية والهوية ما ذلَّت لغة شعب إلا ذل، مجلة الرافد.

[2] محمد بلي الفوتي، مقالة: العربية لغة عالمية، مجلة دعوة الحق، العدد 130.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.